أول تقييم علمي لخطة التنمية المستدامة: لابد من تغييرات جذرية وعاجلة
تحقيق رفاهية الإنسان والقضاء على الفقر لجميع سكان الأرض، المتوقع أن يبلغ عددهم 8.5 مليار نسمة بحلول عام 2030، “لا يزال ممكناً”، بحسب مجموعة مستقلة من العلماء. ولكن، ليس “دون اتخاذ إجراء تغيير جذري وعاجل في العلاقة بين الناس والطبيعة” وفقا لتقرير أطلقته مجموعة مستقلة من العلماء والخبراء بالأمم المتحدة، أواخر الأسبوع الماضي.
التقرير الذي طلبته كل بلدان العالم، للحصول على تقييم علمي للتقدم المحرز في خطة التنمية المستدامة هو الأول من نوعه منذ اعتماد الأهداف التنموية قبل أربعة أعوام، وسيكون تقرير “المستقبل الآن: العلم من أجل تحقيق التنمية المستدامة”، لمجموعة مستقلة من العلماء، في قلب مناقشات قمة الأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة، في وقت لاحق من هذا الشهر.
تضمن التقرير، الذي صدر يوم الأربعاء 11 سبتمبر 2019، النتائج العلمية لأبحاث متعددة الجوانب، من الحياة الطبيعية في المحيطات، إلى أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدام، إلى إدارة مخاطر الكوارث، من بين أمور ومسائل أخرى.
وحذر تقرير العلماء المستقلين من أن التقدم الذي أحرِز خلال العقدين الأخيرين معرض للخطر، بسبب تفاقم التفاوتات الاجتماعية، وبسبب التراجع غير القابل للاستعادة في البيئة الطبيعية للإنسان، مما يهدد بانتكاس نموذج التنمية المستدامة الحالي في جميع أنحاء العالم.
وأشار العلماء إلى ضرورة فهم العلاقات بين كل من أهداف التنمية المستدامة، وبين الأنظمة الملموسة التي تحدد شكل المجتمعات اليوم، حتى نتمكن من وضع خطة لتخفيف عدم الاستقرار العالمي.
وقال العلماء إن خارطة الطريق الحالية للتنمية قد خلقت ازدهاراً لمئات الملايين من الناس، ولكن تم تحقيق ذلك على حساب الموارد الأخرى، وبتزايدٍ في مستويات عدم المساواة، الذي يقوض النمو العالمي.
تقوية الاقتصادات وتعزيزها من خلال زيادة الاستهلاك، على سبيل المثال، نتيجته أن تُستنفد موارد الكوكب الطبيعية، وتتولد منتجات ثانوية سامة، تهدد بتلويث العالم، حيث أوضح التقرير أنه وفقاً لمعدل الاستهلاك الحالي، فإن استخدام المواد والموارد سيتضاعف خلال الفترة حتى عام 2060، من 89 غيغاطن، إلى 167 غيغاطن، مما يؤدي إلى زيادة مستويات انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة، وآثار سامة أخرى، بسبب زيادة استخراج الموارد.
وشدد التقرير على أنه لابد من تغيير الحال الراهن، حتى نتجنب المزيد من الخسائر في التماسك الاجتماعي والنمو الاقتصادي المستدام، وحتى نتمكن من الحد من فقدان التنوع البيولوجي، “وبذلك يمكننا إنقاذ عالم على حافة نقطة تحول في نظام المناخ العالمي”، بحسب ما جاء في التقرير.
ودعا العلماء إلى تحقيق ذلك من خلال تضافر جهود جميع القطاعات في عمل منسق، وأن تتم زيادة الاستثمارات في العلوم من أجل الاستدامة، والاعتراف بأن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب فصل النمو الاقتصادي عن التدهور البيئي، ويتطلب أيضاً الحد من عدم المساواة.
وأشار الخبراء إلى أن “التحول الشامل المطلوب لن يكون سهلاً”، لافتين إلى أن التقرير نفسه أكد على الحاجة إلى “فهم علمي عميق لتوقع وتخفيف التوترات والمفاضلات الملازمة” للتغير الهيكلي واسع النطاق.
وقد أور التقرير 20 إجراءً أساسياً يمكن استخدامه لتسريع التقدم نحو أهداف وغايات متعددة في السنوات العشرة القادمة، من بينها توفير الخدمات الأساسية لجميع الناس، وتتمثل في الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي والإسكان والحماية الاجتماعية، كشرط ضروري لتحقيق القضاء على الفقر.
كما أشار التقرير إلى إنهاء التمييز القانوني والاجتماعي، وإلى توسيع نطاق المنظمات النقابية والنسائية وغير الحكومية وغيرها، باعتبارها ستكون مجتمعة من الشركاء المهمين في الجهود المبذولة لتنفيذ خطة عام 2030.
وأكد العلماء أن أنظمة الغذاء والطاقة غير الفعالة تحرم حوالي ملياري شخص من الأمن الغذائي، بينما يعاني 820 مليون شخص من نقص التغذية، كما يعاني مليارا شخص بالغ من زيادة الوزن.
ولفت التقرير إلى أن الانتقال إلى أنظمة الطاقة المتجددة يمكن أن يساعد على خفض نسبة الناس الذين يعتمدون على الملوثات في الطهي، والبالغ عددهم 3 مليارات شخص، وعلى تجنب الوفيات المبكرة.
وباعتبار أن ثلثي سكان العالم سيسكنون في المدن بحلول عام 2050، أكد العلماء في توصياتهم، أن تحقيق “أجندة 2030” سيتطلب مناطق حضرية أكثر إحكاماً وفعالية، تعتمد على الطبيعة في بنياتها التحتية، مع ضرورة حماية خدمات وموارد النظام الإيكولوجي.
واختتم العلماء تقييمهم الأول للتقدم المحرز في تنفيذ خطة التنمية المستدامة بالقول إن ما يسمى “المشاعات البيئية العالمية”، أي الغابات المطيرة والمحيطات والغلاف الجوي، يحتاج إلى دعم من الحكومات والجهات الفاعلة الدولية والقطاع الخاص، لضمان الممارسات الجيدة.