المعارف التقليدية والإدارة الذكية لموارد المياه .. في مواجهة تأثيرات الجفاف بدلتا النيل
العلاقة بين تغير المناخ والأمن الغذائي «ترابطية».. ودعوة لمواجهتها بطرق علمية مبتكرة
عقدت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» لقاءً تشاورياً حول تأثيرات الجفاف على الأمن الغذائي والفرص والبدائل المتاحة، وذلك بالتعاون مع كلية الهندسة بجامعة طنطا، ضمن أنشطة مشروع «تعزيز مشاركة أصحاب المصلحة لتحفيز تأثيرات مقاومة الجفاف من خلال المعرفة التقليدية والأدوات الذكية لإدارة المياه بشكل عادل – ABSDryBASIN»، الذي يجري تنفيذه في عدد من المحافظات المصرية، التى تعاني من مشكلات الجفاف، في شمال الدلتا.
يستهدف المشروع، الممول من معهد التعليم المائي (IHE)، تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الجفاف، من خلال زيادة قدرات أصحاب المصلحة في مراقبة وإدارة الجفاف، باستخدام المعرفة التقليدية والمحلية، مع العمل على دمج ذلك بآليات ووسائل علمية وأدوات ذكية، وذلك بمشاركة أصحاب المصلحة، لتحديد نقاط القوة، والفجوات، وكذلك تحديد التدخلات المقترحة وآليات تنفيذها، في عدد من محافظات الدلتا، وتحديداً محافظات الغربية وكفر الشيخ والبحيرة.
شهد اللقاء، الذي عقد في مقر نقابة المهندسين بطنطا، مشاركة واسعة من القيادات التنفيذية المعنية من مديريات الموارد المائية والري، والزراعة واستصلاح الاراضي، والتضامن الاجتماعي، وفروع جهاز شؤون البيئة، ومراكز النيل للإعلام، ومجموعة ممثلة من المنتديات المحلية للتنمية المستدامة، إضافة إلى عدد من المزراعين ومسؤولي روابط المياه بالمحافظات المستهدفة، حيث جرت مناقشة العديد من النقاط الهامة والمؤثرة على الوضع المستقبلي للأمن المائي والغذائي، ومدى تأثير ظاهرة الجفاف عليها، بالإضافة إلى مناقشة التحديات والتهديدات الناتجة من تأثير ظاهرة الجفاف، والفرص الحالية المتاحة، وكيفية البناء عليها، من خلال المجهودات الوطنية، وكذلك من الجمعيات الاهلية ومنظمات المجتمع المدني المعنية.
افتتحت الأستاذة غادة أحمدين، مدير البرامج في شبكة «رائد»، فعاليات اللقاء بكلمة أشارت فيها إلى أهمية المشروع، الذي يُعد أحد المشروعات الاستراتيجية، التي تقوم الشبكة بتنفيذها، لما لها من أهمية كبيرة، تتلامس مع إحدى القضايا الهامة المؤثرة على الأمن الغذائي والمائي، ومدى تأثير ذلك على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق «رؤية مصر 2030»، وأوضحت أن المشروع يجري تنفيذه في المحافظات الأكثر تأثراً بظاهرة الجفاف، ووجهت دعوة إلى جميع الأطراف المعنية، من الحكومة والمجتمع المدني والقيادات الطبيعية، إلى التآزر وتوحيد الجهود من أجل مواجهة هذه التحديات، والعمل المشترك في تنفيذ البدائل المقترحة، وفي مقدمتها الإدارة الذكية لموارد المياه.
وقدمت الدكتورة آيات النمر، المدرس بقسم هندسه الري والهيدروليكا في كلية الهندسة جامعة طنطا، ممثلاً عن الشريك الرئيسي في تنفيذ المشروع، عرضاً أوضحت فيه الركائز الرئيسية للمشروع، والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها، كما استعرضت أهم الانجازات التي حققها المشروع خلال مرحلته التأسيسية الأولى، وأيضاً الأنشطة المخطط تنفيذها خلال الفترة المقبلة.
وسلط اللقاء التشاوري الضوء على الدراسة المبدئية التي تم تنفيذها، والتي استهدفت تقديم دراسة اجتماعية حول المعارف والممارسات التقليدية لمكافحة الجفاف والتصحر بالساحل الشمالي لدلتا مصر، والتي تم تنفيذها على عينة من المزارعين بمحافظات الغربية وكفر الشيخ والبحيرة، حيث اوضح الأستاذ هيثم عبدالعظيم، مدير المشروعات بشبكة «رائد»، أن هذه الدراسة استهدفت في الأساس ةضع تصور أولي لمدى تأثير ظاهرة الجفاف على المزارعين من عدة جوانب، منها البيئية والاقتصادية والاجتماعية، ومدى استجابتهم للتوصيات لتحسين تلك الأوضاع، وخلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات، التي يمكن البناء عليها خلال فترة تنفيذ المشروع.
وقدمت الدكتورة أمل حامد، وكيل مديرية الموارد المائية والري بمحافظة الغربية، كلمة أشارت فيها إلى الوضع المائي الراهن في دلتا النيل، مشيرةً إلى أن هناك مجموعة كبيرة من التحديات التي تواجه هذا المورد الهام، وأضافت أن الحكومة وضعت العديد من الاستراتيجيات للتعامل مع هذه التحديات، تتضمن تنفيذ العديد من المشروعات الوطنية الكبرى، وأكدت أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات الوطنية يستلزم تضافر جميع الجهود، من منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والمزارعين.
وتطرقت الدكتورة وفاء السرنجاوي، مدير إدارة المكتب الفني بجهاز شئون البيئة، في كلمتها، إلى العلاقة الترابطية بين تغير المناخ وزيادة تأثيرات الجفاف، حيث أكدت أن تغير المناخ والجفاف يؤثران على بعضهما البعض بشكل كبير، وأن هذه التأثيرات تزداد خطورة، خاصةً على الأمن الغذائي، نتيجة ما قد يتسببا فيه من تدهور الأراضي الزراعية، وما ينتج عنه من قلة الإنتاج الزراعي، ولمواجهة تلك التأثيرات، شددت على أهمية دور وزارة البيئة، وغيرها من الأجهزة المعنية، في التوعية بأهمية المياه وترشيدها، والعمل على دعم التحول للزراعة المستدامة، وتوطين مفهوم الحلول القائمة على الطبيعة.
كما أشارت الأستاذ حسناء أحمد إبراهيم، وكيل مديرية التضامن الاجتماعي بمحافظة الغربية، إلى أهمية موضوع اللقاء، وما يمثله من أهمية على طريق تحقيق «رؤية مصر 2030»، وقالت إن هذه القضية تمثل أحد أكبر التحديات التي تعوق التنمية، وتتسبب في العديد من المشاكل والأزمات، وأضحت أنها تمد يد العون إلى كل الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بهذه القضية، وتساندهم في كل أنشطتهم، لما لها من أهمية في بناء قدرات المجتمع، وزيادة الوعي تجاه كافة مجالات وقضايا التنمية المستدامة.
واختتم اللقاء بجلسة نقاشية، أدارتها الأستاذة غادة أحمدين، لاستعراض مقترحات المشاركين بشأن تحفيز أدوارهم في الحد من تأثيرات الجفاف، وكيفية إدارة موارد المياه بشكل عادل، وشهدت الجلسة عرض مجموعة من التوصيات، منها وضع سياسات تحفيزية للمزارعين للحفاظ على المياه، وتفعيل دور روابط المياه، وإعادة حوكمتها بشكل يسهم في تطوير أدوراها، تواكباً مع التحول الرقمي، كما أكدت الجلسة على أهمية دور الإعلام، والتوصية بتطوير محتوى الرسائل الإعلامية، واستخدامها للأدوات الذكية، إضافة إلى أهمية عمل المنتديات المحلية للتنمية المستدامة، وتبنيها لهذه القضية الهامة، بإعتبارها كيان مدني يسعي إلى توطين أهداف التنمية المستدامة وفق «رؤية مصر 2030».