بعد مفاوضات ماراثونية 15 عاماً
أول اتفاقية لحماية الأنواع فى أعالى البحار قريباً
سنوات طويلة من المفاوضات الشاقة حول حماية التنوع البيولوجي في أعالي البحار، أثمرت عن موافقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على صياغة أول اتفاقية دولية لحماية أعالي البحار، التي تشكل نحو نصف مساحة كوكب الأرض، يمكن بموجبها إعلان 30% من محيطات العالم مناطق محمية، بالإضافة إلى وضع إجراءات للتأكد من أن كافة المشروعات والأنشطة الاقتصادية في مناطق أعالي البحار، تتوافق بالفعل مع الاشتراطات والمعايير البيئية.
وبعد أكثر من 15 عاماً من المحادثات غير الرسمية، ثم المفاوضات الرسمية، شهد مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال الأسبوع الأول من شهر مارس الماضي، جلسة مغلقة ضمت عشرات المفاوضين، يمثلون ما يزيد على 100 دولة، لحسم القضايا الخلافية والتركيز على المسألة السياسية الحساسة المتعلقة بتوزيع عائدات الموارد الجينية، التي يتم جمعها في أعالي البحار.
في نهاية الاجتماع، أعلنت رئيسة المؤتمر الحكومي الدولي لحماية أعالي البحار، رينا لي، وسط هتافات الوفود المشاركة، أن «السفينة وصلت إلى الشاطئ»، في إشارة إلى توصل المفاوضات إلى نص توافقي لأول اتفاقية دولية بشأن حماية الأنواع في أعالي البحار، وهي «خطوة طال انتظارها»، حيث ترى جماعات بيئية من أنحاء العالم أنها سوف تسهم في استعادة المفقود من التنوع البحري، وضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف 14، المعني بحفظ المحيطات والاستخدام المستدام للموارد البحرية.
ووفق تقرير لوكالة «رويترز» فقد كان قانون الحفاظ وضمان الاستخدام المستدام للتنوع الحيوى للمحيط، محلاً للنقاش على مدار أكثر من 15 عاماً، تضمنت عقد 5 جولات من المفاوضات للتقصى والفحص، تحت قيادة الأمم المتحدة، وشكلت المصالح الاقتصادية نقطة الخلاف الرئيسية خلال الجولة الأخيرة من المفاوضات، التي بدأت أواخر فبراير، مع مطالبة الدول النامية بالحصول على نصيب أكبر من عائدات ومزايا «الاقتصاد الأزرق»، بما فيها نقل التكنولوجا.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن فيرونيكا فرانك، من منظمة «غرينبيس»، أن التزام حكومات العالم بحماية 30% من أراضي ومحيطات العالم، بحلول عام 2030، وفق الخطة المعروفة عالمياً باسم (30/ 30)، يأتي بموجب ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر التنوع البيولوجي الأخير في مونتريال بكندا، في ديسمبر الماضي، وقالت: «رغم أن النص ليس مثالياً، فإنه يتضمن مساراً واضحاً نحو تحقيق ذلك الالتزام»، وإذا ما جرى التوصل إى اتفاق بالفعل، فإنه سيتعين الانتظار، لمعرفة ما إذا كانت التسويات التي جرى التوصل إليها، ستفضي إلى نص قوي قادر على حماية المحيطات بشكل فعال.
ووصفت اللجنة الأوروبية، التي تمثل الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، موافقة المفاوضين على الصياغة الأولية للاتفاقية بأنها «لحظة تاريخية»، كما تعهد الاتحاد الأوروبي بتخصيص 860 مليون يورو للأبحاث والمراقبة وحماية المحيطات في عام 2023، وذلك خلال مؤتمر «محيطنا»، الذي عُقد في بنما، في وقت سابق من العام الجاري، فيما أعلنت الولايات المتحدة عن تعهدها بتقديم نحو 6 مليارات دولار، لدعم خطط الحماية في أعالي البحار.
وأعلنت السويد، التي شاركت في المفاوضات باعتبارها رئيس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، ترحيبها بالتوصل إلى نص توافقي لحماية أعالي البحار، ووصفت الاتفاقية بأنها بمثابة «الصفقة البيئية الدولية» الأكثر أهمية منذ اتفاق باريس للمناخ في عام 2015، وقال وزير الخارجية السويدي، توبياس بيلستروم، إن «الاتفاقية تُعد انتصاراً للأمم المتحدة وللنظام العالمي، في وقت يفرض علينا تحديات كبيرة».
وتخضع مساحات قليلة جداً من أعالي البحار للحماية، ويشكل التلوث، وزيادة حموضة المحيطات، والإفراط في الصيد، تهديدات متزايدة للتنوع البيولوجي في تلك المناطق، وترى جماعات بيئية إنه يتعين إعلان 11 مليون كيلومتر مربع من المحيطات كمناطق محمية في كل عام، حتى يمكن تحقيق هدف وضع 30% من محيطات العالم بحلول عام 2030.