مشروع «WES» ينهي تهديدات التلوث الصناعي في معالجة الطماطم بتونس
تُعد الجمهورية التونسية واحدة من أكبر 10 منتجين لمعجون الطماطم في العالم، حيث تحظى الصناعات القائمة على معالجة الطماطم بأهمية كبيرة لدى قطاعي الزراعة وإنتاج الغذاء، وبحسب أحدث التقديرات الرسمية، فقد بلغت المساحات المنزرعة بمحصول الطماطم في الموسم الأخير، حوالي 16 ألف و500 هكتار، يتشارك فيها ما يزيد على 10 آلاف من المزارعين، كان إجمالي إنتاجها من معجون الطماطم حوالي مليون و200 ألف طن.
وتعتبر محافظة نابل الساحلية، في شمال شرق تونس، مركزاً لصناعة معالجة الطماطم، خاصةً في منطقتي «قربة» و«دار علوش»، حيث تنتشر الوحدات العاملة في هذه الصناعة، ويبلغ عددها 18 وحدة، منها 13 وحدة تبلغ طاقتها الإنتاجية الإجمالية حوالي 13 ألف و400 طن من معجوم الطماطم يومياً، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الضغط على الموارد المائية في المنطقة، نظراً لأن عملية معالجة الطماطم تتطلب كميات كبيرة من المياه، حيث تستهلك كل وحدة من هذه الوحدات، ما بين 1.4 و2 متر مكعب من المياه لكل طن من الطماطم المصنعة.
ونظراً لأن منطقتي «قربة» و«دار علوش» تتميزان بأنهما موطن لنظام بيئي ساحلي ضعيف، كما أنها موطن للطيور المائية المختلفة، فقد جرى تعيين هذه المنطقة كموقع يقع في إطار اتفاقية «رامسار»، ومنطقة الطيور المهمة، وتعاني من الاستخدام المفرط لموارد المياه في المنطقة، مما يؤدي إلى الإجهاد المائي الكبير، والنهوض بجبهة تملح المياه البحرية في طبقات المياه الجوفية.
كما تؤدي صناعة معالجة الطماطم إلى حدوث تدهور بالغ في النظم البيئية الهشة بالمنطقة، عن طريق تفريغ حوالي 16 ألف و500 متر مكعب من مياه الصرف الصناعي غير المعالجة بشكل كامل يومياً، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الصرف الصحي غير المعالج، وكشفت عمليات التفتيش، من قبل الوكالة الوطنية لحماية البيئة، أن جميع محطات المعالجة تقريباً في مصانع معالجة الطماطم، لا تعمل بشكل صحيح، بسبب عدم الامتثال للمعايير الوطنية.
وفي محاولة لتخفيف الضغط على الموارد المائية، ولتعزيز النظم البيئية الضعيفة في المنطقة الساحلية، عمل مشروع دعم المياه والبيئة (WES)، وهو مشروع إقليمي بتمويل من الاتحاد الأوروبي، يركز على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على تقديم المساعدة الفنية لمشروع منع التلوث الصناعي ورصد صناعة تحويل الطماطم في منطقة «قربة»، على الساحل الشرقي لتونس.
وطلبت الجمهورية التونسية مساعدة مشروع دعم المياه والبيئة، لتوفير حلول مستدامة، وتطوير برنامج رصد مخصص للبحيرة، بعدما تبين أن التأثير التراكمي للضغوط الناجمة عن صناعة معالجة الطماطم، على المدى الطويل، يشكل تهديداً بالغاً للتوازن البيئي لسواحل البحيرات، والنظام البيئي الطبيعي، ورفاهية السكان في المنطقة، ويعطي البرنامج الأولوية لموارد المياه المستدامة، وإدارة والتحكم في تصريف المياه العادمة من وحدات معالجة الطماطم.
وقد أسهم المشروع في تنفيذ هذه الاستراتيجية الوطنية، من خلال تعزيز وتمكين التحكم الفعال في التلوث، خاصة الناتج عن صناعة الأغذية، كما أدى تنفيذ المشروع، بمهامه المتنوعة، إلى زيادة الوعي بين مختلف الجهات الصناعية في المنطقة، مما يساعد في تحسين الإدارة البيئية لموارد المياه، كما اقترح المشروع العديد من الإجراءات المستقبلية، التي يجب أن يتخذها الشركاء التونسيون، ولاسيما وزارة البيئة، بعد اكتمال نشاط المشروع.
وتتضمن هذه المقترحات نشر الحلول، وتقديم الدعم لتنفيذ الإجراءات الموصى بها لتحسين التقنيات المستخدمة في الزراعة والنقل والمعالجة الصناعية للطماطم، وكذلك لمعالجة النفايات السائلة، مع تكرار نتائج المشروع في صناعات أخرى بالمنطقة، وكذا العمل على جذب الجهات المانحة المحتملة، لتأمين التمويل لمختلف الأنشطة المماثلة.
وفي وقت سابق من العام الماضي، قام فريق من خبراء مشروع دعم المياه والبيئة بزيارة ميدانية شملت عدداً من الشركات العاملة في مجال معالجة الطماطم بمنطقة «قربة»، كما التقوا بعدد من ممثلي السلطات والجمعيات المحلية، وركزت الزيارات على تحليل الممارسات المتعلقة بدورة معالجة الطماطم، من الزراعة والنقل إلى المعالجة، لتقييم تأثير المكونات المختلفة لدورة إنتاج الطماطم ومعالجتها، على البيئة والموارد المائية في بحيرة «قُربة» والأودية المنتشرة في المنطقة.