مشروع «دعم المياه والبيئة» يطلق أول نشاطاته بدول جنوب المتوسط
في إطار جهود حماية البيئة وتحسين إدارة الموارد المائية الشحيحة في منطقة حوض البحر المتوسط، وبهدف وضع حلول للمشاكل المتعلقة بالتلوث وكفاءة استخدام المياه، تم إطلاق مشروع «دعم المياه والبيئة»، وهو مشروع إقليمي بتمويل من الاتحاد الأوروبي، يركز على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأطلق المشروع بالفعل أول نشاطاته في عدد من الدول العربية، من ضمنها مصر والمغرب وتونس.
تقليل إهدار المياه بأسيوط
ونظراً لأن أجزاءً كثيرة من شبكة المياه المتهالكة في معظم أنحاء مصر، تعاني من تسريب كميات كبيرة من المياه، مما يؤدي إلى فقدان نسبة تُقدر بأكثر من30% من كمية المياه المنتجة، الأمر الذي دفع مشروع دعم المياه والبيئة إلى إطلاق نشاط تجريبي، هو الأول للمشروع في مصر، بغرض تعزيز قدرات مرافق المياه، وإدارة وتقليل المياه غير المدرة للدخل، واكتشاف التسربات في منطقة تجريبية بمدينة أسيوط.
وشهدت مصر نمواً سكانياً متسارعاً على مدار العقود القليلة الماضية، مما أدى إلى توسع المناطق الحضرية، وانتشار القرى في المناطق الريفية، وفي الوقت الذي من المتوقع أن تستمر الزيادة في أعداد السكان، فقد أشارت تقديرات وزارة الموارد المائية والري إلى أنه سيتم الوصول إلى «عتبة ندرة المياه»، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، قبل حلول عام 2025، أي خلال أقل من 5 سنوات.
ويشكل الحفاظ على المياه أحد التحديات التي تحظى بأهمية كبيرة في مصر، حيث يتم الاعتماد على نهر النيل كمورد رئيسي للمياه، إلى جانب النمو المتوقع في الطلب على المياه، ومن هذا المنطلق فإن المشروع التجريبي، الذي يجري تنفيذه بالاشتراك مع شركة مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة أسيوط، يهدف إلى الحد من المياه غير المدرة للإيرادات، ومواصلة جهودها لتحسين إدارة المياه.
وأقر الدكتور أيمن عياد، مدير قطاع المياه والمرافق في بعثة الاتحاد الأوروبي بمصر، حقيقة أن هذا النشاط الأول لمشروع دعم المياه والبيئة (WES) يمثل تحدياً، خصوصاً في ضوء أزمة «كوفيد-19»، ولكن قضية كشف ووقف التسريبات في شبكات المياه أصبح أكثر أهمية في الوقت الحالي، عن أي وقت مضى، بالنظر إلى الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في حوض نهر النيل الأعلى.
وبحسب منسق المشروع في مصر، الدكتور وليد حقيقي، فإن النشاط المخطط له يتماشى مع أهداف الخطة الوطنية للموارد المائية 2017/ 2037، بينما قال المهندس محمد صلاح الدين، رئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بأسيوط، إن «نسبة الفاقد من المياه بالمحافظة تبلغ حالياً 34%، ونأمل أن نحقق، على المدى القصير، وبدعم من هذا المشروع، تخفيضاً في هذه النسبة إلى 25%».
إدارة الطلب على المياه بالمغرب
تنطوي التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة المغربية على ازدياد الطلب على الموارد المائية الشحيحة أصلاً، سواء لتوفير مياه الشرب لسكان المناطق الحضرية والريفية، وإلى القطاعات الصناعية، أو المنشآت السياحية، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على المياه لأغراض الري، ونظراً لارتفاع وتزايد الطلب في البلاد، أصبح الاستخدام الفعال للمياه ذو أهمية قصوى، ويعتبر من بين الأولويات الوطنية.
وفي هذا الإطار، بدأ مشروع (WES) نشاطاً في المملكة، يتضمن تقديم الدعم إلى وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، لمساعدتها على تعزيز إجراءات إدارة الطلب على المياه في البلاد، للحد من الاحتياجات المحلية للاستخدامات المنزلية والعامة، والاستخدامات في قطاع الصناعة والسياحة، وسيركز النشاط على تقديم المشورة بشأن تدابير توفير المياه، التي يمكن تطبيقها بسهولة في البلاد.
وخلال اجتماع إطلاق المشروع، أكد جاك ليغرو، من بعثة المفوضية الأوروبية في المملكة المغربية، أن الاتحاد الأوروبي يحرص على تقديم الدعم للمملكة منذ سنوات عديدة، في مجال إدارة المياه، وأضاف قائلاً: «إننا نحاول، إلى جانب ذلك، تنفيذ خطة (الصفقة الخضراء)، التي أطلقها الاتحاد الأوروبي، والتي تسعى إلى إيجاد سبل الاستجابة لمكافحة تغير المناخ في البلدان الشريكة لنا أيضاً».
معامل معالجة الطماطم بتونس
كما قام فريق من خبراء مشروع (WES) بزيارة ميدانية إلى سبع شركات لمعالجة الطماطم بمنطقة «قُربة» في تونس، مؤخراً، كما التقوا بالسلطات والجمعيات المحلية، وركزت الزيارات على تحليل الممارسات المتعلقة بدورة معالجة الطماطم، من الزراعة والنقل إلى المعالجة، لتقييم تأثير المكونات المختلفة لدورة إنتاج الطماطم ومعالجتها، على البيئة والموارد المائية في بحيرة «قُربة» وأودية المنطقة.
ويعمل مشروع (WES) على تقديم المشورة بشأن كيفية تقليل الآثار البيئية المرتبطة بصناعة معالجة الأغذية الزراعية الهامة، فيما يخص الطماطم في المنطقة الساحلية من «قُربة»، علاوة على ذلك، سيتم إنشاء نظام مراقبة بيئية لصناعات معالجة الطماطم، وإجراء عملية لاتفاقية إطارية قطاعية حول الإدارة المستدامة للموارد الخاصة بصناعة معالجة الطماطم في تونس.
محاسبة المياه عبر الإنترنت
ويعقد مشروع «دعم المياه والبيئة» حالياً أول برنامج تدريبي إقليمي لبرنامج «محاسبة المياه»، والذي كان من المقرر عقده في العاصمة اليونانية أثينا، خلال شهر يونيو الماضي، إلا أنه تم تأجيله بسبب «جائحة كورونا»، ليُعقد عبر شبكة «الإنترنت»، خلال الفترة من 12 إلى 26 أكتوبر الجاري، ويتضمن سلسلة من المحاضرات، تتضمن الإرشادات وأفضل الممارسات فيما يتعلق بمحاسبة المياه.
ويهدف التدريب الإقليمي إلى التعريف بمحاسبة المياه كأداة لتحقيق حوكمة متكاملة للمياه، وتوازن مائي مستدام، وتقدير دورها المهم في مراقبة المياه، والمشاركة في هذه الفعالية مفتوحة لخبراء المياه في الوزارات ذات الصلة، والمكاتب الإحصائية في البلدان الشريكة في مشروع (WES)، وسيحصل المشاركون على مقدمة شاملة للمفهوم العام لحسابات المياه بمكوناتها البيئية والاقتصادية.
النساء والشباب والاستهلاك المستدام
تؤدي النساء والشباب دوراً مهماً في إدارة المياه والموارد الطبيعية الأخرى، وكذلك في تعزيز أنماط الاستهلاك المستدامة وسلوك المستهلك المسؤول، ومع ذلك، نادراً ما تتعامل السياسات في هذه المجالات مع النساء أو الشباب، ولا يُؤخذ برأيهم، على الرغم من دورهم الهام كمواطنين وأمهات ومهنيين مستقبليين، ولهذا، فقد وضع مشروع (WES) الوصول إلى النساء والشباب من بين أولوياته.
ومن خلال استبيانين عبر «الإنترنت»، تم توزيعهما على الجمعيات النسائية ذات الصلة، يقوم المشروع حالياً بجمع معلومات عن القضايا ذات الأولوية، بالنسبة للنساء والشباب، واحتياجاتهم وتوقعاتهم حول المسائل البيئية والمسائل المتعلقة بالمياه، بهدف الحصول على معلومات حول أوجه التآزر الممكنة مع المنظمات النسائية والشبابية العاملة في قضايا البيئة والمياه، بالإضافة إلى طرق تعزيز وتشكيل جداول أعمال البيئة والمياه لتلك المنظمات.