تلوث الهواء يقتل 7 ملايين من البشر سنوياً
تسعة من كل 10 أشخاص يتنفسون هواءً يحتوي على نسب فوق المسموح بها من الملوثات القاتلة، ويموت 7 ملايين شخص سنوياً نتيجة إصابتهم بأمراض فتاكة، العامل الأول فيها هو تلوث الهواء، هذه النتائج جاءت في تقرير حديث أصدرته منظمة الصحة العالمية مطلع مايو 2018، تضمن أن الأمراض الناجمة عن تلوث الهواء تتنوع بين السكتة الدماغية، وأمراض القلب، وسرطان الرئة، والتهابات الجهاز التنفسي.
ووفق تقديرات المنظمة، فإن تلوث الهواء الخارجي، في المدن والقرى وغيرها من التجمعات البشرية حول العالم، تسبب وحده في وفاة ما يقرب من 4.2 مليون شخص في عام 2016، بينما تسبب تلوث الهواء داخل المنازل، نتيجة استخدام المواقد وأنواع وقود بدائية في الطهي، أو استخدام تكنولوجيات منزلية ملوثة، في وفاة حوالي 3.8 مليون شخص، خلال نفس الفترة.
وأعلنت المنظمة عن دعوتها إلى عقد “المؤتمر العالمي الأول حول تلوث الهواء والصحة”، خلال الفترة من 30 أكتوبر إلى الأول من نوفمبر 2018، لجمع الحكومات والشركاء معاً، في إطار جهد عالمي لتحسين نوعية الهواء، ومكافحة التغيرات المناخية.
المدير العام للمنظمة، الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قال إن “تلوث الهواء يهددنا جميعاً، لكن أفقر الناس وأكثرهم تهميشاً هم من يتحملون الجزء الرئيسي من العبء، ومن غير المقبول أن يظل أكثر من 3 مليارات شخص، معظمهم من النساء والأطفال، يتنفسون الدخان القاتل كل يوم، جراء استخدام المواقد وأنواع الوقود الملوثة في منازلهم”.
وبينما حذر “تيدروس” من أنه “إذا لم نتخذ إجراءً عاجلاً بشأن تلوث الهواء، فلن نقترب أبداً من تحقيق التنمية المستدامة”، فقد أشار إلى ما وصفه بـ”الخبر السار”، وهو “أننا نشهد المزيد من الحكومات تعزز الالتزامات الرامية إلى رصد وتقليل تلوث الهواء، فضلاً عن المزيد من الإجراءات العالمية المتخذة من جانب القطاع الصحي، وقطاعات أخرى، مثل النقل والإسكان والطاقة”.
وأوضح التقرير أن أكثر من 90% من الوفيات المرتبطة بتلوث الهواء، تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، خاصةً في آسيا وأفريقيا، تليها البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في منطقة شرق البحر المتوسط وأوروبا والأمريكتين، كما أن حوالي 3 مليارات شخص، أي أكثر من 40% من سكان العالم، مازالوا غير قادرين على الوصول إلى أنواع الوقود وتكنولوجيات الطبخ النظيفة في منازلهم.
وأعاد تقرير المنظمة التأكيد على أن تلوث الهواء أحد عوامل الخطورة الحاسمة فيما يتعلق بالأمراض السارية، حيث أنه يتسبب في حدوث 24%، أي نحو الربع، من إجمالي الوفيات الناجمة عن أمراض القلب بين البالغين، كما يتسبب في نسبة 25% من الوفيات بالسكتة الدماغية، و43% من الوفيات بمرض الرئة الانسدادي المزمن، و29% من الوفيات بسرطان الرئة.
ومن خلال رصد مستويات تلوث الهواء داخل المنازل لأكثر من 10 سنوات، خلصت منظمة الصحة العالمية إلى أن معدلات إتاحة أنواع الوقود والتكنولوجيات النظيفة آخذة في الارتفاع، إلا أن ذلك لا يواكب النمو السكاني في أجزاء كثيرة من العالم، ولاسيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
وهناك أكثر من 4300 مدينة، في 108 من دول العالم، مدرجة في قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية بشأن نوعية الهواء المحيط، مما يجعلها قاعدة البيانات الأكثر شمولية في العالم، ومنذ عام 2016، شهدت القائمة انضمام أكثر من 1000 مدينة أخرى، في دلالة تعكس قيام المزيد من البلدان بعمليات قياس، واتخاذ إجراءات للحد من تلوث الهواء، أكثر من أي وقت مضى.
وقالت مدير إدارة الصحة العمومية والمحددات الاجتماعية والبيئية للصحة بالمنظمة، الدكتورة ماريا نيرا، إن العديد من المدن الكبرى في العالم، تتجاوز المستويات الإرشادية للمنظمة، فيما يتعلق بنوعية الهواء، بأكثر من 5 مرات، مما يمثل خطراً رئيسياً على صحة الناس، وأضافت: “نشهد تسارعاً في الاهتمام السياسي بهذا التحدي الصحي العام على الصعيد العالمي”.
وأضافت أن “الزيادة في عدد المدن التي تسجل بيانات تلوث الهواء، تعكس التزاماً بتقييم ورصد نوعية الهواء، وقد حدثت معظم هذه الزيادة في البلدان ذات الدخل المرتفع، ولكننا نأمل في رؤية تعزيز مماثل لجهود الرصد على مستوى العالم”.
ولفت التقرير إلى اتخاذ بعض الدول تدابير لتقليل تلوث الهواء بها، منها تزويد حوالى 37 امرأة هندية، يعيشن تحت خط الفقر، بوصلات غاز مسال مجانية، بهدف تشجيعهن على استخدام الطاقة المنزلية النظيفة، واعتماد السلطات المكسيكية معايير أكثر نظافة للمركبات والحافلات العامة، وفرض حظر على السيارات الخاصة التي تستخدم “الديزل” كوقود لها، بحلول عام 2025.