+20225161519 [email protected]

الابتكار في التصدي لتغير المناخ.. الغذاء والمياه والدخل

يعد تغير المناخ أحد أكبر التهديدات التي تواجه البشرية، وقد أدت الكوارث الطبيعية والظواهر الجوية المتطرفة إلى زيادة صعوبة زراعة المحاصيل وتربية الحيوانات وكسب العيش، مقارنةً بما اعتدنا عليه في الماضي، وتعاني المناطق الريفية في مختلف أنحاء العالم من أثار ذلك على نحو أكثر حدة.. ولكن، لا يزال هناك أمل، حيث تلجأ المجتمعات الريفية إلى الابتكارات الزراعية، لضمان الاستعداد بشكل أفضل لمواجهة آثار تغير المناخ، ويُعد تحول الأنظمة الغذائية والقطاع الزراعي أمراً محورياً، ليس فقط لتحقيق هدف القضاء التام على الجوع، بل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17.

وتحقيقًا لهدف التقريب بين الشعوب لمناقشة قضايا عالمية، يربط المنتدى العالمي المعني بالأمن الغذائي والتغذية، التابع لمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو”، بين الأفراد من مختلف أنحاء العالم، ويعمل على تيسير المناقشات الشبكية لتحقيق هذه الأهداف بحلول 2030، وعندما طلب المنتدى من الأعضاء طرح أمثلة للمبادرات الناجحة التي استهدفت تحسين الزراعة والأمن الغذائي، اتضح أن “الابتكار قادر على إحداث تأثير ضخم”.. وفق ما ذكرت المنظمة في تقرير لها استعرضت فيه 3 مجالات من شأن الابتكار أن يحدث فارقاً كبيراً في طريقة تصديها للتغيرات المناخية.

الابتكارات الغذائية

يتسبب تغير المناخ في تأثيرات قاسية على النظم البيئية، حيث أنه يؤثر على الزراعة وسبل كسب العيش والأمن الغذائي، ومن طرق مواجهة آثاره السلبية على الأمن الغذائي، إجراء مزيد من الأبحاث عن المنتجات الغذائية المعروفة، والابتكار في طرق استخدامها.

وتعمل “شيلا سيباندا”، من جامعة “تشينهوي” للعلوم والتكنولوجيا في زيمبابوي، في مشروع يستخدم دقيق اللوبيا في إنتاج نقانق الدجاج، حيث تُعد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هي موطن دقيق اللوبيا، الذي يُعتبر مصدراً غنياً بالسعرات الحرارية والفيتامينات والمعادن والبروتين، ويُعد إدخال هذه البقوليات المتوفرة بسهولة، في منتجات أخرى، طريقة رائعة لتحسين النظم الغذائية والأمن الغذائي.

وذكرت “شيلا” إن كثيراً من الأطفال غالباً ما يعانون من مرض “كواشيوركور”، وهو حالة خطرة من سوء التغذية بسبب نقص البروتين، إلى جانب أنواع أخرى من الأمراض الناتجة عن سوء التغذية، ولذلك فإن ابتكار مثل هذه المنتجات، يُعد أمراً بالغ الأهمية.

في أستراليا، أي في الجانب الآخر من العالم، تُجري “أولوميد أوديمي”، الباحثة في معهد الدراسات البحرية والقطب الجنوبي بجامعة “تسمانيا”، أبحاثاً لفهم ما الذي يؤدي تحديداً لفساد بعض أنواع المأكولات البحرية، وأسفرت دراساتها عن تطوير أداة للتنبؤ بعمر الأسماك الصدفية الحية المعبأة، وبالتالي منع تلفها دون داع.

ابتكارات الحصول على المياه

تمثل ندرة المياه مشكلةً حقيقيةً للمجتمعات المحلية بالمناطق الريفية، كما تُزيد موجات الجفاف التي يسببها تغير المناخ من حدة الآثار السلبية على إنتاج المزارعين.. وأوضحت “ماريا سونيا لوبيز دا سيلڤا”، من مؤسسة البحوث الزراعية البرازيلية، عبر المنتدى العالمي المعني بالأمن الغذائي والتغذية، أن بناء السدود تحت الأرض من شأنه أن يحل هذه المشكلة، حيث تُستخدم المواد المتاحة الجاهزة، مثل الطين والوحل والقماش البلاستيكي في بناء هذه السدود، بدلاً من التقنيات الجديدة والمكلفة، لذا تعتبر هذه السدود وسيلةً رائعةً للحفاظ على المياه في المنطقة شبه القاحلة بالبرازيل.

ومن مزايا هذه السدود أيضاً، انخفاض معدلات تبخر المياه بها، مقارنةً بخزانات المياه السطحية، وهو ما يضمن توفر المياه العذبة لفترةٍ أطول، وأضافت “دا سيلڤا”: “يُعد توفير المياه قوة مُحرِرة للنساء والشباب، حيث أصبحوا لا يضطرون للخروج يومياً لإحضار المياه اللازمة للأعمال المنزلية والاستهلاك البشري”، وذلك إشارة منها للأثر الهائل الذي أحدثته السدود التي تم بناؤها، والتي يصل عددها إلى ما يقرب من 7 آلاف سد، على المجتمعات المحلية القريبة منها. 

تبادل الموارد الإبتكارية

رغم أن آثار تغير المناخ مدمرةٌ لكوكب الأرض بأكمله، فإن المجتمعات المحلية التي تعيش على الزراعة، غالباً ما تكون الأكثر تضرراً، وعن ذلك قالت “مارجريت ناجودچا”، إنه بإمكان المزارعين في أوغندا الحصول على الأدوات اللازمة لتحويل الزراعة القائمة على أصحاب الحيازات الصغيرة، من زراعة الكفاف إلى مشروعاتٍ تحقق أرباحاً مستدامة، مما يساعدهم على خلق هامش أمان مالي، إذا أثرت الظروف السلبية على النشاط التجاري، كما يمكن للمزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة أن يستأجروا الآلات، من خلال خيارات التمويل المرنة، التي يمكن الوصول إليها من خلال إنشاء مركز توظيف جماعي.

ولا شك أن التقنيات الجديدة تعتبر بمثابة استراحة من وسائل الزراعة التقليدية، فقد يحتاج المزارعون الأكثر خبرةً لاكتساب مهاراتٍ جديدةٍ، فعلى سبيل المثال، تقوم مؤسسة “أسرة أوهاها” في نيچ‍يريا، بتدريب المزارعين على الممارسات الزراعية الحديثة، وذكر صاحب المؤسسة، چ‍ون إيد، عبر المنتدى: “تتضمن مبادرتنا تدريب المزارعين على سلامة التربة والأنواع المختلفة لتقنيات الزراعة، للحفاظ على النظام البيئي، والإبقاء عليه صالحاً للاستخدام المستمر”.

واختتمت “الفاو” تقريرها بالتأكيد على أن مثل هذه المبادرات، التي تركز على تقاسم الموارد، تُعد عاملاً أساسياً لضمان استعداد المزارعين في المناطق الريفية للتصدي لآثار تغير المناخ، وهو ما يزود المجتمعات المحلية بالأدوات اللازمة للبقاء، في ظل الظروف المتغيرة، ويمهد الطريق نحو تحقيق هدف القضاء التام على الجوع.