+20225161519 [email protected]

التقرير العربي للتنمية المستدامة 2020: المنطقة ليست على المسار الصحيح

«لقد جاء التقرير خالياً من أي حلول سحرية، بل يتضمن ما يحثنا جميعاً على التواضع ونعترف بأننا لسنا على مسار تحقيق خطة التنمية المستدامة في المنطقة العربية بحلول عام 2030».. هذا ما أكدت عليه الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا»، الدكتور رولا دشتي، في مستهل التقرير العربي للتنمية المستدامة لعام 2020، الصادر في العاشر من يونيو الجاري، والذي خلص إلى أن المنطقة العربية ليست على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

يتناول التقرير أداء المنطقة على مسار تحقيق خطة عام 2030، ويحدّد موقعها من أهداف التنمية المستدامة الـ17، ويتضمّن تحليلاً كمياً ونوعياً لكل هدف، على أساس إطار المؤشرات العالمية، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2017، ويرصد التقرير الروابط بين أهداف التنمية المستدامة، ويتناول العوائق الرئيسية أمام إنجازها، ويلقي الضوء على الفئات الأكثر عرضة للإهمال، ويحدد المنطلقات الأساسية للعمل في المستقبل، ويخلص إلى سلسلة من النتائج، مفادها ضرورة التغيير الهيكلي في المجتمع والاقتصاد والسياسة والثقافة والبيئة، تحقيقاً للتحوّل المنشود في المنطقة.

وجاء في بيان صحفي، أصدرته اللجنة الأممية بالتزامن مع صدور تقرير التنمية المستدامة، أنه فيما يتخبط العالم لاحتواء أضرار «جائحة كوفيد-19»، وتجاوز التحديات الجديدة التي تسببت بها، تزداد صعوبة تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 بالنسبة لكثير من البلدان العربية، ولفت البيان إلى أن النسخة الجديدة من التقرير العربي للتنمية المستدامة، الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة، وعلى رأسها الإسكوا، تحذر من أنّ المنطقة لن تحقق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

ونقل بيان «الإسكوا»، عن الأمين التنفيذي قولها: «اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى تغيير هيكلي، تغيير يضعنا على مسار التحوّل المنشود»، مشيرةً إلى أن التقرير يؤكد على أنّ إحقاق التغيير يتطلّب جهودًا جادّة من الحكومات وواضعي السياسات، وأنّ التحوّل الجذري يبقى مشروع المجتمع بأسره، فخطة عام 2030 يبقى في صلبها الناس، والتزامهم وقدرتهم على التغيير، ويشمل ذلك قدرة المجتمع المدني والصحافة والقطاع الخاص على تأدية أدوارهم بنشاط وفعالية.

وحثت الأمم المتحدة، في تقريرها، وهو الإصدار الثاني للتقرير العربي للتنمية المستدامة، حيث جاء صدور التقرير الأول في عام 2015، بالتزامن مع اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030، على إنهاء الصراعات وتعزيز هياكل الحكم، للمساعدة في بناء مجتمعات عادلة وسلميّة، كما دعت إلى الالتزام بحقوق الإنسان وتوسيع الفضاء المدني، وشددت على أنّ هناك عوائق هيكلية ومتجذرة تمنع التحوّل نحو التنمية المستدامة الشاملة للجميع في المنطقة، وعلى أنّها في أغلب الأحيان مترابطة وذات طبيعة متفاعلة ومتداخلة.

ويلفت التقرير الانتباه إلى أنه قبل تفاقم الوضع الراهن بسبب «جائحة كورونا»، كانت النزاعات في المنطقة العربية سبباً رئيسياً في زيادة في معدلات الفقر المدقع، وهي الزيادة الوحيدة في العالم، مقارنةً بعام 2010، كما أن اعتماد المنطقة على وارادات الأغذية، أدى إلى عدم قدرتها على توفير الغذاء بشكل كافٍ وعادل في بعض الأماكن، مما جعلها عرضة للتأثّر بتقلّبات التجارة العالمية.

ويتضمن كذلك أن المنطقة العربية تسجل أحد أعلى مستويات فوارق الدخل في العالم، ولا تقتصر اللامساواة على هذا الجانب فقط، بل تسجّل المنطقة أدنى نسبة مشاركة اقتصادية للمرأة في العالم، ومستويات عالية لعدم المساواة بين الجنسين، وللبطالة، لاسيما بين النساء والشباب، كما تؤدّي الأزمات وحالات عدم الاستقرار والنزوح إلى زيادة تعرّض النساء والفتيات لكافة أشكال العنف، ويظهر التقرير أن الرعاية الصحية تشكل أحد أبرز الملفات الملحّة، إلى جانب ملف التعليم، الذي تعاني المنطقة من سوء نوعيته، والتفاوت الشديد في إمكانية الحصول عليه داخل البلدان وفي ما بينها، فضلًا عن أنّ الإنفاق على البحوث والتطوير يقلّ عن المتوسط العالمي بنحو 60%.

وعلى صعيد آخر، يظهر التقرير عدداً من القضايا العابرة للحدود، التي تتطلب نُهُجًا إقليمية، لاسيما الصراعات وتداعياتها، والتجارة، وتغيّر المناخ، وندرة المياه، والبنى التحتية، والاتصالات، والهجرة، والقضايا المتعلقة بالتنوع البيولوجي، وحماية النظم الإيكولوجية البحرية، حيث أن جميع هذه القضايا تتطلب استجابة منسّقة على مستوى المنطقة.

وعلى سبيل المثال، يشير التقرير إلى أن الجفاف ألحق الضرر بأكثر من 44 مليون شخص فى المنطقة العربية، بين عامي 1990 و2019، كما أن قيمة الأضرار الاقتصادية للكوارث التي شهدتها المنطقة خلال نفس الفترة، تتجاوز 19.7 مليار دولار، فيما تشير التقديرات إلى أن تغير المناخ سيؤدي إلى تفاقم مشكلة ندرة المياه، وتغيير أنماط الإنتاج الزراعي، ويهدد إنتاج الثروة الحيوانية، كما يؤثر سلباً على الغابات والأراضي الرطبة، ويقلص فرص العمل في الزراعة، ويزيد من موجات الحرارة الشديدة.

ويخلص التقرير إلى أن تسريع الجهود لتحقيق هدف واحد أو أكثر من أهداف التنمية المستدامة، وتأمين زيادة التمويل، لن يثمر على المدى الطويل، إلا إذا أزيلت هذه العوائق، ويقدم كل فصل من التقرير مجموعة من التوصيات، لإزالة العوائق التي تحول دون التحول الجذري، والإسراع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.