خارطة طريق لإعادة فتح المدارس مع استمرار “جائحة كورونا”
سلسلة جديدة من الإرشادات التوجيهية بشأن إعادة فتح المدارس بشكل آمن في ظل “جائحة كورونا”، أصدرتها عدة منظمات دولية هذا الأسبوع، من ضمنها اليونسكو واليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي والبنك الدولي، تضمن تحذيرات من أن استمرار إغلاق المرافق التعليمية يضر بما يقرب من 1.3 مليار طالب حول العالم، وينطوي على خطر غير مسبوق يحدق بتعليم الأطفال وضمان عافيتهم ورفاهيتهم، خاصةً الفئات المهمشة، التي يعتمد غالبيتهم على المدارس للانتفاع بالتعليم، والحصول على عناية صحيّة جيّدة، والعيش في بيئة آمنة، والحصول على تغذية سليمة.
وتقدم الإرشادات الجديدة إجراءات عملية يمكن للسلطات المحلية والوطنية الاسترشاد بها من أجل الحفاظ على سلامة الأطفال عند عودتهم لارتياد مدارسهم، وهو ما أكدت عليه المدير العام لليونسكو، أودري أزولاي، بقولها: “لقد بات من الضروري إيلاء الأولوية للبتّ في موعد وآلية إعادة فتح المدارس، رغم أنّ ذلك ليس بالقرار اليسير”، وأضافت أنه “بمجرد منح الضوء الأخضر من قبل الجهات الصحية، سيتوجّب وضع سلسلة من التدابير الاحترازية، لضمان عدم ترك أي طالب خلف الركب”، وأوضحت أن خطة الطريق الجديدة تقدم للحكومات وأولياء الأمور إرشادات شاملة لتيسير عملية إعادة فتح المدارس، وأكدت أن “الهدف من كل ذلك هو الذّود عن حقّ كل طالب في التعليم والارتقاء به”.
أما المدير التنفيذي لليونيسف، هنرييتا فور، فقالت إن انقطاع الأطفال عن المدارس ينطوي على مجموعة من التهديدات طويلة الأجل من بينها تفاقم أوجه التفاوت، وتردّي الأوضاع الصحية، وتولّد العنف، وعمالة القاصرين، وزواج الأطفال، وأضافت: “نعلم أن احتمالات عودة الأطفال من الفئات الضعيفة إلى المدارس مرة أخرى تتضاءل كلما طالت فترة بقائهم خارج المدرسة، وما لَم نضع إعادة فتح المدارس على رأس أولوياتنا، عند توفّر ظروف مواتية وآمنة لذلك، فمن الأرجح أن تنتَكِس النظم التعليمية بشدّة مع كل ما أحرزناه من تقدّم فيها”.
وبينما لفتت الإرشادات التوجيهية الجديدة إلى عدم وجود أدلة أو مؤشرات كافية لقياس مدى تأثير إغلاق المدارس على معدلات انتقال مرض “كوفيد-19″، فقد شددت على أن ما ينطوي عليه إغلاق المدارس من أثار سلبية على سلامة الأطفال وتعليمهم أمور موثقة جيداً، كما حذرت من أن الإنجازات التي تحققت في إطار زيادة فرص الأطفال بالحصول على التعليم، أصبحت على المحك، بل قد يكون تأثير ذلك الوضع، في أسوأ الحالات، نقيض ما تحقق تماماً.
المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيسلي، أكد أن كثيرين من الأطفال، في البلدان الأشد فقراً، يعتمدون على تواجدهم في المدارس للحصول على وجبتهم اليومية الوحيدة، ومع إغلاق المدارس بسبب “جائحة كورونا”، فقد تم حرمان أكثر من 370 مليون طفل من فرصة الحصول على الوجبات الصحية، التي تُعد بمثابة شريان الحياة بالنسبة للأسر الفقيرة، فضلاً عن حرمان الأطفال من الدعم الصحي الذي تقدمه المدرسة، الأمر الذي يتطلب إعادة فتح المدارس، مع البدء فوراً في استئناف برامج الوجبات والخدمات الصحية، مما يساعد في إعادة الأطفال من الفئات الأكثر ضعفاً إلى المدرسة.
وتتضمن التوجيهات دعوة السلطات المحلية إلى ضرورة وضع مصالح الطفل، واعتبارات الصحة العامة نصب أعينها في عملية اتخاذ القرارات المتعلّقة بإعادة فتح المدارس، استناداً إلى تقييم المنافع والمخاطر المترتبة على كافة الأصعدة التعليمية والصحية والاجتماعية والاقتصادية، مع تقييم مزايا التعليم داخل الفصول الدراسية، مقارنةً بالتعلم عن بعد، كما يجب على المدارس النظر في الطريقة المثلى لإعادة فتح أبوابها، مع الأخذ في الاعتبار ضرورة إسهام هذه الخطوة في الارتقاء بعملية التعلم، وتقديم دعم أشمل للطلبة في مجالات الصحة والتغذية والدعم النفسي والمياه ومرافق النظافة الصحية.
وتتضمن الإرشادات، التي تم استعراضها خلال اجتماع مشترك عقدته منظمة اليونسكو، للوقوف على كيفية إعادة فتح المدارس، بمشاركة المنظمات الدولية الأخرى، ووزراء التربية والتعليم من عدة دول، مجموعة من التوجيهات، منها:
إصلاح السياسات: تتناول الآثار السياسية أبعاد هذه التوجيهات كافة، وتشمل في هذا الصدد سلسلة من السياسات المعنيّة بفتح وإغلاق المدارس خلال حالات طوارئ الصحة العامة، والإصلاحات اللازمة لتعزيز انتفاع الأطفال المستضعفين وغير الملتحقين بالمدارس على نحو منصف بالتعليم، فضلاً عن تعزيز ممارسات التعلم عن بعد وتوحيدها.
المتطلبات المالية: معالجة تأثير “كوفيد-19” على التعليم والاستثمار في تعزيز النظم التعليمية من أجل التعافي والصمود.
المحافظة على العمليات المدرسيّة الآمنة: ضمان ظروف آمنة تحدُّ من انتقال العدوى، وتحرص على تقديم الخدمات الأساسية، وتحث على اتّباع الممارسات الصحية وتوفير مستلزماتها كالصابون والمياه النظيفة لضمان غسل اليدين على نحو فعّال، وتبنّي إجراءات احترازية في حال توعُّك صحة الطلبة أو أفراد الطواقم المدرسية، واحترام بروتوكولات التباعد الجسدي واتباع ممارسات النظافة الصحية.
تعويض التعلّم الحضوري: التركيز على الممارسات الكفيلة بتعويض التعليم الحضوري في المدارس، وتقوية المناهج التربوية والتعويل على نماذج تعلّم مختلطة كالدمج بين نُهج التعلم عن بعد، ويجب أن يشمل التعويض التوعية بشأن انتقال الأمراض وكيفية الوقاية منها.
الصحة والوقاية: إيلاء تركيز أكبر لعافية الطلاب ورفاههم وتعزيز حمايتهم، من خلال الارتقاء بآليات الإحالة إلى المرافق الصحية وتوفير الخدمات المدرسية الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية والوجبات المدرسيّة.
الوصول إلى الفئات الأكثر تهميشاً: تكييف السياسات والممارسات المتعلقة بإعادة فتح المدارس لتوسيع إمكانية الوصول إلى الفئات المستضعفة، ومنهم الأطفال غير الملتحقين بالمدارس والأطفال المشردين والمهاجرين، والأقليات، فضلاً عن تنويع سبل التواصل والتوعية الحيوية، من خلال إتاحتها باللغات المناسبة بأشكال وصيغ سهلة المنال.