التنمية المستدامة.. مازال حلماً بعيد المنال في الشرق الأوسط
تحذير جديد أطلقته منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”، اعتبرت فيه أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة مازال حلماً بعيد المنال بين كثير من الشباب والأطفال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث جاء في تقرير المنظمة، والذي يبحث الآفاق المحتملة لجيل 2030، أنه ما لم يتحسن وضع التعليم، وما لم يتم خلق فرص عمل حقيقية، فستواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خطراً جسيماً بحلول عام 2030، يتمثل بتسرب 5 ملايين طفل من المدارس، وزيادة بأكثر من 10% في نسبة البطالة بين صفوف الشباب.
وأكدت المنظمة في تقريرها، الذي أصدرته منتصف أغسطس الجاري، أن الزيادة غير المسبوقة في عدد الأطفال خارج مقاعد الدراسة، وبطالة الشباب المرتفعة المتوقعة بحلول عام 2030 ستعني أن المنطقة لن تتمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ما لم تضع الحكومات السلام والاستقرار على رأس أولويّاتها، وما لم تستثمر بجرأة في أكثر الأمور أهمية للأطفال، وفي تحقيق إمكانات الشباب غير المستغلة.
ونقل التقرير عن إحدى الفتيات الأردنيات تدعى “بتول”، تبلغ من العمر 20 عاماً، وهي واحدة من بين ملايين الأطفال والشباب المكافحين من أجل التعلّم والازدهار، قولها إنها بدأت السنة الأخيرة من الدراسة الثانوية بحماس كبير وأحلام أكبر، لتواجه “الفشل المستمر”، على حد صفها، وتابعت: “لذلك، توقفت عن الدراسة، وعزلت نفسي إلى أن بدأت التطوع، مما غير حياتي، أصبحت شخصاً جديداً متفائلاً، أبحث دائماً عن فرص جديدة”.
“خيْرت كابالاري”، المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال: “إننا معرضون لخطر حقيقي من عدم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما سيترك عواقب مدمرة على الأطفال والشباب”، وأضاف أن الطريق الوحيد للخروج هو “وضع ميزانيات، وتنفيذ السياسات التي تعنى بالأطفال، وإنهاء العنف والنزاع المسلح، وإيجاد بيئة مستقرة سياسياً واجتماعياً، وتعزيز المساواة بين الجنسين”.
ولأول مرة، فقد سعى تقرير “جيل 2030” في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تقييم الصلة المباشرة ما بين الاستثمار في الأطفال والشباب، وبين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، ويُعد هذا التقرير هو ثمرة مشاورات مفصلة مع البنك الدولي، ومنظمة العمل الدولية، وصندوق النقد الدولي، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا”.
وبحسب تقديرات لوكالات الأمم المتحدة، فإن “نسبة كبيرة وغير مسبوقة من سكان المنطقة” ستنتقل، خلال النصف الأول من القرن 21، إلى فترة سنواتهم الأكثر إنتاجية في حياتهم، الأمر الذي يهيئ فرصة لتحقيق عائد ديموغرافي ونمو اقتصادي، تحفزه التغيرات الديموغرافية، التي تشهدها المنطقة، حسب البيانات.
كما تضمن تقرير “اليونيسف” خطوطاً عريضة من التوصيات المشتركة، من بينها زيادة التمويل اللازم لتنمية الطفولة المبكرة، من خلال الرعاية الصحية المناسبة والتغذية، وتحفيز الاستجابة لبناء أسس نمو الأطفال، كما أوصى التقرير بتحسين التعليم الأساسي، وإتاحة المهارات اللازمة لمواكبة الاقتصاد سريع التغير، وتدريب الشباب، وكذلك، فقد أوصي التقرير بالمزيد من الدعم للشباب في انتقالهم من التعليم إلى سوق العمل، إضافة إلى تزويد الأطفال والشباب بمساحات للتعبير عن اهتماماتهم، وتبادل الأفكار معهم، وإشراكهم في عملية صنع القرار.
وجاء صدور تقرير الآفاق المحتملة لجيل 2030 بعد نحو شهرين من زيارة المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالشباب، جاياثما ويكرامانياكي، للمملكة الأردنية منتصف شهر يونيو الماضي، حضرت خلالها اجتماعاً دورياً لتحالف الشباب والسلام، كما التقت ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله، للبحث في السبل المبتكرة لدعم الشباب، إضافة إلى لقاءات أخرى مع بعض المجموعات الشبابية، ورواد الأعمال الشباب، سواء من الأردنيين أو غيرهم، تضمنت مناقشات حول مشاركة الشباب في السياسة، وعمليات الوساطة في النزاعات، والمساواة بين الجنسين.