+20225161519 [email protected]

استراتيجية عالمية لـ”مستقبل مستدام” وتعهدات “غير ملزمة” بحماية الكوكب

أرست اجتماعات الدورة الرابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، التي عُقدت في العاصمة الكينية نيروبي، خلال الفترة من 11 إلى 15 مارس 2019، مجموعة من الأسس والمبادئ من أجل التحول الجذري إلى “مستقبل أكثر استدامة”، وحماية الحياة على كوكب الأرض، والحفاظ على موارده المتدهورة، من خلال تعهدات “غير ملزمة” بتسخير الابتكارات لمواجهة التحديات البيئية، وتقليل استخدام المواد البلاستيكية بشكل كبير، وصولاً إلى منع استخدامها بحلول عام 2030.

وبعد 5 أيام من المحادثات، قدم وزراء من أكثر من 170 دولة عضو في الأمم المتحدة، مخططاً جريئاً للتغيير، مؤكدين أن العالم بحاجة إلى تسريع التحركات نحو نموذج جديد للتنمية، من أجل احترام الرؤية المنصوص عليها في أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، كما أعربوا عن شعورهم بالقلق العميق إزاء الأدلة المتزايدة على تزايد تلوث الكوكب، وتسارع وتيرة الاحترار العالمي بشكل خطير، وتعهدوا بمعالجة التحديات البيئية، من خلال تطوير حلول مبتكرة، واعتماد أنماط استهلاك وإنتاج مستدامة.

واجتمع أكثر من 4700 مندوب، من بينهم وزراء البيئة والعلماء والأكاديميون وقادة الأعمال وممثلو المجتمع المدني، في نيروبي لحضور الجمعية، وهي أكبر هيئة بيئية في العالم، والتي ستحدد قراراتها جدول الأعمال العالمي، وخاصة قبل عقد قمة الأمم المتحدة للعمل المناخي في سبتمبر 2019.

وشدد الوزراء في الإعلان الختامي على تأكيدهم من جديد أن القضاء على الفقر، وتعزيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة، وحماية وإدارة قاعدة الموارد الطبيعية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، هي الأهداف الشاملة للتنمية المستدامة والمتطلبات الأساسية لها، وجاء ضمن تعهداتهم: “سنقوم بتحسين الاستراتيجيات الوطنية لإدارة الموارد، من خلال مناهج ودورة كاملة لدورة الحياة الكاملة، لتحقيق اقتصاديات منخفضة الكفاءة في استخدام الموارد ومنخفضة الكربون”.

وإلى جانب تعهدهم بتعزيز النظم الغذائية المستدامة، من خلال تشجيع الممارسات الزراعية المرنة، والتصدي للفقر من خلال الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، وتشجيع استخدام وتبادل البيانات البيئية، أكد الوزراء التزامهم بالعمل على “معالجة الأضرار التي لحقت بنظمنا الإيكولوجية، بسبب الاستخدام غير المستدام للمنتجات البلاستيكية، والتخلص منها، بما في ذلك عن طريق الحد بشكل كبير من المنتجات البلاستيكية، التي تستخدم لمرة واحدة، بحلول عام 2030، والعمل مع القطاع الخاص لإيجاد منتجات بأسعار معقولة وأكثر مراعاة للبيئة”.

وفي إطار السعي لمعالجة الثغرات الحرجة في المعرفة، وعد الوزراء بالعمل على إنتاج بيانات بيئية دولية قابلة للمقارنة، مع تحسين أنظمة وتقنيات المراقبة الوطنية، كما أعربوا عن دعمهم لجهود الأمم المتحدة للبيئة لوضع استراتيجية عالمية للبيانات البيئية بحلول عام 2025.

وفي كلمته خلال الجلسة الختامية، قال “سيم كيسلر”، رئيس الدورة الرابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة ووزير البيئة في إستونيا: “العالم في مفترق طرق، ولكن اليوم اخترنا المضي قدماً”، وتابع بقوله: “لقد قررنا أن نفعل الأشياء بشكل مختلف، بدءاً من تقليل اعتمادنا على المواد البلاستيكية، وصولاً إلى وضع الاستدامة في صميم كل التطورات المستقبلية، سنحول الطريقة التي نعيش بها، لدينا الحلول المبتكرة التي نحتاجها، الآن يجب أن نتبنى السياسات التي تسمح لنا بتنفيذها”.

وفي الجلسة الختامية للجمعية، اعتمد المندوبون سلسلة من القرارات “غير الملزمة”، والتي تغطي لوجستيات التحول إلى نموذج غير عادي لتطوير الأعمال، وشمل ذلك اعترافاً بأن الاقتصاد العالمي الأكثر دائرية، والذي يمكن فيه إعادة استخدام البضائع أو إعادة تدويرها والاحتفاظ بها في التداول لأطول فترة ممكنة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في تعزيز أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامين.

وتضمنت القرارات دعوة الدول الأعضاء إلى تحويل اقتصاداتها من خلال المشتريات العامة المستدامة، ودعم التدابير الرامية إلى معالجة هدر الغذاء، وتطوير وتبادل أفضل الممارسات بشأن حلول سلسلة التبريد الموفرة للطاقة، كما تناولت القرارات استخدام الحوافز، بما في ذلك التدابير المالية اللازمة لتعزيز أنماط استهلاك وإنتاج أكثر استدامة.

وقالت “جويس مسويا”، المديرة التنفيذية للأمم المتحدة للبيئة بالنيابة: “لقد وصل كوكبنا إلى حدوده، ونحن بحاجة إلى اتخاذ إجراءات الآن، يسعدنا أن العالم استجاب لحضور جمعية البيئة هنا في نيروبي، من خلال التزامات ثابتة لبناء مستقبل تكون فيه الاستدامة هي الهدف الشامل في كل ما نقوم به”، وأضافت: “إذا قامت الدول بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه في هذا الاجتماع، فبإمكاننا أن نخطو خطوة كبيرة نحو نظام عالمي جديد، لا ينمو على حساب الطبيعة، ولكن بدلاً من ذلك، نرى الشعوب والكوكب تنمو معاً”.

وبرز خلال الاجتماعات التأكيد على الحاجة إلى حماية المحيطات والنظم الإيكولوجية الهشة، حيث اعتمد الوزراء عدداً من القرارات بشأن النفايات البلاستيكية البحرية، والجسيمات البلاستيكية البحرية الدقيقة، بما في ذلك الالتزام بإنشاء منصة لأصحاب المصلحة المتعددين داخل الأمم المتحدة للبيئة، لاتخاذ إجراءات فورية نحو التخلص طويل المدى من النفايات والجسيمات البلاستيكية الدقيقة، فيما دعا قرار آخر الدول الأعضاء، والجهات الفاعلة الأخرى، إلى معالجة مشكلة القمامة البحرية، من خلال النظر في دورة حياة المنتجات الكاملة، وزيادة كفاءة استخدام الموارد.

وشهدت الاجتماعات انضمام عدد من الدول، منها أنتيغوا وبربودا وباراغواي وترينيداد وتوباغو، إلى حملة “البحار النظيفة”، التابعة للأمم المتحدة للبيئة، مما رفع عدد البلدان المشاركة في الحملة، التي توصف بأنها أكبر تحالف في العالم لمكافحة التلوث البحري بالبلاستيك، إلى 60 بلداً، بينها 20 دولة من أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.