[vc_row][vc_column][vc_column_text]
جهود مستدامة لتحقيق التزامات مصر باتفاقية استوكهولم للتخلص من الملوثات العضوية الثابتة
منذ أن وقعت مصر على اتفاقية استوكهولم للحد من استخدامات الملوثات العضوية الثابتة، المعروفة باسم POPs، في مايو من عام 2003، ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ في نفس الشهر من العام التالي، قامت وزارة البيئة، بالتعاون مع مختلف الوزارات المعنية، وعدد من الهيئات الدولية، بتنفيذ العديد من المشروعات لتنفيذ الخطة الوطنية للتخلص من هذا النوع من الملوثات شديدة الخطورة، والتي تم اعتمادها في عام 2005.
وسبق توقيع مصر على الاتفاقية، وأثناء انعقاد مؤتمر المفوضين لمعاهدة استوكهولم للملوثات العضوية الثابتة بالعاصمة السويدية في 22 مايو 2001، تم التوافق على بيان المنظمات المشاركة في الشبكة الدولية للقضاء على الملوثات العضوية الثابتة IPEN، والذي جاء باسم “إعلان استوكهولم”، ليتيح فرصة انضمام المنظمات غير الحكومية للشبكة الدولية، عن طريق التوقيع على هذا الإعلان.
وفي إطار عضوية جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة في الشبكة الدولية للقضاء على الملوثات العضوية الثابتة منذ عام 2006، بدأت الجمعية مشروعاً لتحديد الحالة الراهنة للمواد التي تحتوي على مركبات “ثنائي الفينيل متعدد الكلور” PCBs في مصر، من حيث الإدارة والتخزين، اعتماداً على تجميع المعلومات الخاصة بالمشروعات التي يجري تنفيذها، بالإضافة إلى التوعية بمخاطر هذه الملوثات، وجهود التخلص منها.
وتُعد مركبات PCBs أحد أخطر أنواع الملوثات العضوية الثابتة POPs، وهي مواد عضوية تشكل ذرات الكربون بنيتها الأساسية، وتتميز بأنها شديدة السُمية، وتقاوم التحلل، وتترسب في التربة لفترات طويلة قد تمتد لعقود، ويمكنها الانتقال لمسافات طويلة، وفي حالة وصولها إلى جسم الإنسان، أو غيره من الكائنات الحية، فإنها تتراكم داخل أنسجة الجسم، وتتسبب في إصابته بأمراض خطيرة.
وخلال اجتماعات الدورة الثامنة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية استوكهولم، تم الدعوة إلى تنفيذ خطط صارمة للإدارة السليمة بيئياً لمركبات “ثنائي الفينيل متعدد الكلور”، بما في ذلك إزالتها وتدميرها، لتحقيق أهداف الاتفاقية بالقضاء على استخدام هذه المركبات في المعدات بحلول عام 2025، وتحقيق الإدارة السليمة بيئياً لنفايات السوائل المحتوية على مركبات PCBs، في موعد أقصاه 2028.
وفي إطار سعيها لتنفيذ الخطة الوطنية للتخلص من المواد الخطرة، قامت وزارة البيئة بإطلاق مشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة، بعد رصد وجود حوالي 2000 طن من هذه الملوثات، من ضمنها 1000 طن من المبيدات المحظورة ومنتهية الصلاحية، و1000 طن من الزيوت الملوثة بمركبات “ثنائي فينيل متعدد الكلور”، كان يجري استخدامها في المحولات الكهربائية.
ومن بين المبيدات المحظورة التي كان يتوجب على الخطة الوطنية التعامل معها، حوالي 220 طناً كانت قيد التحفظ بأحد المخازن داخل ميناء “الأدبية” بالسويس، ونحو 400 طن مخزنةً في منطقة “الصف” بالجيزة، إضافة إلى حوالي 350 طناً في 9 مناطق أخرى.
وبينما كان الهدف الرئيسي للمشروع هو تحقيق التزامات مصر تجاه اتفاقية استوكهولم للملوثات العضوية الثابتة، فقد استهدف أيضاً بناء القدرات العلمية، ونقل التقنية للوزارات والجهات المعنية، والتدريب ونشر الوعي والمعرفة لمختلف الأطراف، وتحقيق التكامل بين الوزارات والهيئات المعنية، ومنها وزارات البيئة والزراعة والكهرباء والصناعة والصحة.
وخلال الفترة بين عامي 2006 و2008، تم تنفيذ مشروع الإدارة المتكاملة للمواد الكيميائية الخطرة، ومنها مواد PCBs، بالتعاون مع هيئة المعونة اليابانية “جايكا”، في منطقة “شبرا الخيمة” بالقليوبية، من خلال التركيز على محطات الإنتاج والنقل والتوزيع، وتم خلال هذا المشروع تدريب وتوعية نحو 1500 متدرب من الأفرع الإقليمية لجهاز شئون البيئة ومن الوزارات المعنية والجمعيات الأهلية.
وتم خلال المشروع حصر وجرد المعدات الكهربائية، من محولات ومكثفات، في المحطات الكهربائية للإنتاج والنقل والتوزيع ومناطق التخزين، بالإضافة إلى تحليل عينات زيوت من المعدات الكهربائية، ومن ترعة “الإسماعيلية”، فضلاً عن إنشاء قاعدة بيانات بالملوثات البيئية، بما فيها الملوثات العضوية الثابتة، بالتعاون مع هيئة المعونة الدنماركية “دانيدا”.
وخلال عامي 2009 و2010، تم تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة، مع التركيز على المنشآت الصناعية، بالتعاون مع مرفق البيئة العالمية والبنك الدولي، حيث تم استكمال الجرد للمعدات الكهربائية بالمنشآت الصناعية في 5 محافظات، وهي الإسكندرية والبحيرة ودمياط والغربية وأسوان، بناءً على توصية من هيئة المعونة اليابانية.
وتضمن المشروع إجراء اختبارات ميدانية وتحليل عينات من الزيوت والمياه والتربة بأماكن الجرد، وتدريب 500 متدرب من فريق العمل والفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة والوزارات المعنية والجمعيات الأهلية، بالإضافة إلى إعداد تقرير نهائي بالوضع الفعلي للملوثات العضوية الثابتة في مصر، بعد تقييم جميع المشروعات السابقة، متضمناً الجرد الذي تم خلال الفترة بين عامي 2006 و2010 بالتعاون مع إحدى الشركات الهولندية المتخصصة.
وفي عام 2011، تم إطلاق المرحلة الثانية للمشروع، وتضمن 3 مكونات، الأول يختص بتقييم التشريعات المحلية وتحديث خطة العمل الوطنية، والثاني يتعلق بالتخلص الآمن من المبيدات منتهية الصلاحية في منطقة “الصف” بالجيزة، وميناء “الأدبية” بالسويس، بالإضافة إلى زيادة الكوادر المؤهلة في الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة بالفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة وبالوزارات الأخرى، بينما تضمن المكون الثالث استكمال أعمال جرد مواد PCBs في المنشآت الصناعية، والتخلص الآمن من التركيزات المتوسطة والقليلة بالزيوت الملوثة بهذه المواد، باستخدام وحدات معالجة متحركة بأماكن رصدها.
تزامن مع ذلك تنفيذ مشروع آخر لتعزيز استراتيجيات الحد من الانبعاثات غير المقصودة من “الديوكسينات” و”الفيورنات” في منطقة “سفاجا”، بالتعاون مع الهيئة الإقليمية للمحافظة على البحر الأحمر وخليج عدن، تم خلاله تدريب نحو 500 متدرب من الإدارات المعنية والفروع الإقليمية لجهاز شئون البيئة والوزارات المعنية، كما تم تطبيق نموذج استرشادي على انبعاثات المداخن بشركة السويس للبترول.
وشهدت الفترة من 2011 حتى 2015، تنفيذ مشروع إقليمي للإدارة المتكاملة لمواد “ثنائي الفينيل متعدد الكلور”، بالتعاون مع برنامج رصد التلوث في البحر المتوسط، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، شمل 4 دول بإقليم المتوسط، وهي مصر وألبانيا وتركيا والبوسنة والهرسك، وتضمن المشروع الذي تم تنفيذه بمحافظة الإسكندرية، دراسة تقييم الأثر البيئي لنقل 185 طناً من هذه المواد عالية التركيز، والتخلص الآمن منها خارج البلاد، وفقاً لإجراءات اتفاقية “بازل” بشأن نقل النفايات الخطرة عبر الحدود، وذلك عن طريق إحدى الشركات الفرنسية المتخصصة.
وخلال عام 2012، بدأ تنفيذ خطة الرصد الدولية، بالتعاون مع مرفق البيئة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وتضمنت المرحلة الأولى رصد وقياس الملوثات العضوية الثابتة في ألبان الأمهات، وفي الهواء، وإعداد تقرير بنتائج الرصد، بالتعاون مع معمل المتبقيات، التابع لوزارة الزراعة، وإرسال نفس العينات للتحليل في أحد المعامل بدولة التشيك، وتم تنفيذ المرحلة الثانية عام 2014، لرصد وقياس الملوثات العضوية الثابتة في عينات من الهواء والمياه من إحدى محطات معالجة مياه الشرب، على نهر النيل.
وفي أكتوبر 2014، تم تنفيذ مشروع لدراسة تقييم التأثير البيئي والاجتماعي لإعادة تعبئة المبيدات المحظورة ومنتهية الصلاحية في موقع مخزن مدينة “الصف”، بمحافظة الجيزة، تمهيداً لنقلها والتخلص منها، بتمويل من مرفق البيئة العالمية، من خلال البنك الدولي، ومن الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة البيئة، وبمشاركة وزارتي الزراعة والكهرباء، واستمر المشروع حتى نوفمبر 2018.
وقد وضع المشروع عدداً من البدائل للتخلص من هذه المخلفات، أولها أن يتم نقلها إلى الخارج عن طريق إحدى الشركات الدولية المتخصصة، أو التخلص منها بحرقها داخل أفران مصانع الإسمنت، بعد إجراء الدراسات اللازمة لتقييم الأثر البيئي لهذا الخيار، أما البديل الثالث فيتضمن التخلص منها في مدفن مخصص لهذه النوعية من المخلفات، مع تنفيذ مجموعة من الإجراءات لتطهير موقع تخزينها.
أما بالنسبة للوضع الحالي لعامي 2018 و2019، فقد قام المشروع برفع قدرة وزارة الكهرباء، عن طريق توريد وتركيب معدات تحليل “ثنائي الفينيل متعدد الكلور” في 6 مواقع مركزية، مع الكواشف المطلوبة، كما قدم المشروع تدريباً على مستوى عال لأعضاء فريق العمل، البالغ عددهم 38 فرداً، على تقنيات التحليل، من قبل إحدى الشركات الاستشارية الدولية المتخصصة في هذا المجال، بالإضافة إلى تزويد الوزارة بجميع معدات الحماية الشخصية، وأدوات الاستجابة للطوارئ.
كما قامت وزارة الكهرباء، من جانبها، بإعداد قائمة جرد للمحولات المشبوهة، التي تندرج ضمن معايير محددة سلفاً من قبل المشروع، مع الأخذ في الاعتبار تاريخ التصنيع والمعايير الأخرى، وقد أظهر الجرد أن عدد المحولات المشتبه بها يبلغ 18 ألف و750 محولاً، تم أخذ عينات من 11 ألف و396 محولاً منها، وجرى تحليل عينات من 11 ألف و123 محولاً، جاءت النتائج إيجابية بتلوث 711 محولاً منها، تحوي حوالي 948 طناً من الزيوت الملوثة بمركبات “ثنائي الفينيل متعدد الكلور”.
[/vc_column_text][/vc_column][/vc_row]