دورة استثنائية لوزراء البيئة العرب لبحث مشكلة سفينة النفط «صافر» في جنوب البحر الأحمر
«الفضلي»: تعنت «الحوثي» يحول دون صيانة السفينة.. و«الشرجبي»: الكارثة تفوق إمكانيات اليمن
«فؤاد»: عرض أزمة الخزان النفطي على أمانة اتفاقية التنوع البيولوجي لما تمثله من تهديدات عالمية
رئيس «الدورة 31»: الحفاظ على البيئة مسئولية تضامنية تتطلب التكاتف والتكامل من الجميع
جدد وزراء البيئة العرب تحذيراتهم من كارثة بيئية محتملة تهدد جميع الدول المطلة على البحر الأحمر، كما تهدد الحياة البحرية والتنوع البيولوجي في المنطقة، وتمتد تأثيراتها إلى العالم كله، عبر تهديد حركة الملاحة الدولية، نتيجة عدم صيانة ناقلة النفط «صافر»، التي ترسو قبالة السواحل اليمنية في جنوب البحر الأحمر، منذ عام 2015.
وعقدت جامعة الدول العربية، ممثلةً في إدارة شئون البيئة والأرصاد الجوية، اجتماعاً استثنائياً، عن بعد، لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن البيئة، بناءً على طلب المملكة العربية السعودية، لبحث سبل وآليات تفعيل القرار 582 الصادر في ختام الدورة العادية 31 للمجلس، في 24 أكتوبر 2019، الخاص بالتأكيد على أهمية إيجاد الحل المناسب لتفادي كارثة بيئية، جراء عدم صيانة السفينة الراسية قبالة ميناء «رأس عيسى» النفطي.
شارك في الدورة الاستثنائية للمجلس وزراء ومسئولون من الوزارات المعنية بشئون البيئة في 15 دولة عربية، ضمت كلاً من المملكة الأردنية الهاشمية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والجمهورية التونسية، والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وجمهورية جيبوتي، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية العراق، وسلطنة عُمان، ودولة فلسطين، ودولة قطر، ودولة ليبيا، وجمهورية مصر العربية، والمملكة المغربية، والجمهورية اليمنية.
كما شهد الاجتماع مشاركة عدد من المنظمات العربية والإقليمية والدولية، منها المنظمة العربية للتنمية الصناعية، الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن «بيرسجا»، والشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، ومركز البيئة والتنمية للإقليم العربي وأوروبا «سيداري»، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا»، ومجلس وزراء الداخلية العرب، والمكتب العربي للحماية المدنية، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة.
جرت فعاليات الاجتماع، الذي عقد يوم 21 سبتمبر الماضي، عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، برئاسة الدكتور ميلاد عبد الله الطاهر، وزير الحكم المحلي المكلف بملف البيئة في دولة ليبيا، رئيس الدورة 31 لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن البيئة، الذي رحب بالمشاركين من كافة الدول والمنظمات في أعمال الدورة الاستثنائية، معرباً عن شكره لكل من الأمانة الفنية لمجلس وزراء البيئة العرب، والمملكة العربية السعودية على الاستضافة الإلكترونية للاجتماع.
وأكد الوزير الليبي على أهمية المحافظة على البيئة البحرية في المنطقة العربية من أي تلوث، لافتاً إلى إيمان مجلس وزراء البيئة العرب بأن الحفاظ على البيئة هو «مسئولية تضامنية جماعية»، تتطلب الجهد والتكاتف والتكامل من الجميع، داعياً إلى ضرورة صياغة موقف عربي موحد تجاه كل ما من شأنه الإضرار بالبيئة في المنطقة العربية.
وتحدث المهندس عبد الرحمن بن عبد المحسن الفضلي، وزير البيئة والمياه والزراعة بالمملكة العربية السعودية، معرباً، في بداية كلمته، عن تمنياته أن تجتاز الأمة العربية «جائحة كورونا» بسلام، واستعرض الجهود التي تقوم بها المملكة للحيلولة دون وقوع الكارثة التي قد تنجم عن عدم صيانة السفينة «صافر»، نظراً لتعنت المليشيات الحوثية، ورفضها إجراء أي صيانة للسفينة، أو تفريغ حمولتها من البترول.
كما عرض المهندس توفيق عبد الواحد الشرجبي، القائم بأعمال وزير المياه والبيئة في اليمن، لطبيعة المخاطر التي تهدد سواحل بلاده، في حالة حدوث تسريب أو انفجار أو غرق السفينة «صافر»، والأضرار البيئية والاقتصادية التي قد تصيب مصايد الأسماك والتجارة الدولية، وأشار إلى المحاولات السابقة لمعالجة المشكلة والعراقيل التي واجهتها، نتيجة تعنت المليشيات الحوثية، وشدد على أن الكارثة المتوقعة تفوق إمكانيات اليمن الوطنية، وأن اليمن تعول على الجهد والتآزر العربي لمعالجة القضية.
وفي كلمته أمام اجتماع الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء البيئة العرب، أعرب الدكتور كمال حسن علي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، رئيس قطاع الشئون الاقتصادية، عن تمنياته بنجاح جهود التنسيق العربي في شئون البيئة، خاصةً في ظل ما يشهده العالم من أثار ناجمة عن «جائحة كورونا»، وما نتج عنها من تداعيات اقتصادية واجتماعية، أثرت على دولنا العربية وعلى دول العالم أجمع.
وأكد رئيس قطاع الشئون الاقتصادية أن الاهتمام بالبحار والمحيطات يُعد أحد أهم أهداف التنمية المستدامة، مشدداً على أهمية إيجاد الحل المناسب لتفادي كارثة بيئية جراء عدم صيانة السفينة «صافر»، باعتبار أن ذلك يمثل أهمية قصوى، ليس للدول المطلة على البحر الأحمر فحسب، وإنما لكل دول العالم، لأن التسرب النفطي قد يكون أكبر كارثة بيئية يمكنها تهديد الحياة البحرية، والتنوع البيولوجي، وخطوط الملاحة الدولية.
وقال إن «المنطقة العربية تواجه تحديات كبرى، تمس حاضر ومستقبل الشعوب العربية، الأمر الذي يحتم علينا التمسك والتضامن العربي ووحدة الصف»، داعياً إلى «تنسيق الجهود المشتركة في كافة المجالات، والتي يمثل البعد البيئي القلب منها، نظراً لتأثيره المباشر على المحيط الحيوي وجودة الحياة لكافة الشعوب»، وأوضح أن المحيط البيئي لا يعرف الحدود الجغرافية، وأن الحفاظ على بيئة ملائمة وصحية للمنطقة، يُعتبر مسألة جماعية تتطلب الجهد والتكاتف من الجميع.
واستعرض الدكتور محمود فتح الله، مدير إدارة شئون البيئة والأرصاد الجوية، رئيس الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة، وثائق الدورة الاستثنائية وجدول أعمال الاجتماع، كما استعرض القرارات السابقة الخاصة بهذا الموضوع، وجهود الأمانة الفنية في متابعة تنفيذها، وفي مقدمتها القرار 582 الصادر عن الدورة 31 للمجلس، بشأن العمل على إيجاد الحل المناسب لتفادي كارثة بيئية، جراء عدم صيانة السفينة النفطية «صافر».
وقدم ممثل الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن «بيرسجا» عرضاً تفصيلياً تضمن خلفية عن جذور مشكلة الخزان النفطي «صافر»، وحالة السفينة في الوقت الراهن، والسيناريوهات المحتملة في حالة حدوث كارثة جراء عدم صيانتها، وتضمن العرض المناطق الجغرافية المتوقع تضررها، كما أشار إلى أهمية البحر الأحمر كمجرى ملاحي دولي هام، وتأثيره على حركة الملاحة الدولية.
وتحدث عدد من الوزراء الذين أكدوا تضامنهم مع الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية في مواجهة هذه المشكلة، التي تهدد بيئة البحر الأحمر، وأبدت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة في جمهورية مصر العربية، استعداد مصر، من خلال رئاستها الحالية لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، لعرض هذا الموضوع على الأمانة الفنية للاتفاقية، لما تمثله هذه المشكلة من تهديد للتنوع البيولوجي في هذه المنطقة من البحر الأحمر.
وقبل انتهاء مناقشات المشاركين في الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء البيئة العرب، طلب ممثل دولة فلسطين إضافة «ورقة تقدير موقف»، تم إعدادها من جانب رئيس سلطة جودة البيئة في فلسطين، حول أزمة السفينة «صافر»، والتهديدات البيئية الناجمة عنها، إلى وثائق الاجتماع.
وخلص المجلس، في ختام اجتماع دورته الاستثنائية المنعقد يوم 21 سبتمبر 2020، إلى التأكيد على خطورة الوضع البيئي، الذي يمكن أن يهدد البحر الأحمر، نتيجة عدم صيانة السفينة النفطية، وفي ضوء المناقشات التي جرت خلال الاجتماع، اعتمد المجلس مجموعة من القرارات، منها:
الطلب من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المتابعة مع الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية والدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، لتنفيذ ما ورد في الفقرة (16د) من البند (التاسع) من قرارات مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة في دورته (31) بشأن ناقلة التخزين العائم والتفريغ «صافر»، المملوكة لشركة النفط اليمنية، الراسية قبالة ميناء «رأس عيسى» النفطي بمحافظة الحديدة، الجمهورية اليمنية، منذ عام 2015، التي تحتوي على كمية كبيرة من النفط الخام، ومن الممكن أن تتسبب في أكبر كارثة بيئية في البحر الأحمر في حال تسربت إلى البحر، وتوفير الآليات المناسبة لتفادي كارثة بيئية محتملة، من جراء عدم صيانة السفينة «صافر».
دعوة الدول العربية والمجتمع الدولي وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، للضغط على المليشيات الحوثية، التي تقع السفينة تحت سيطرتها، للسماح للجهات ذات العلاقة في الأمم المتحدة، بتقييم حالة السفينة، ومن ثم تفريغها وصيانتها.
الطلب من برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والمنظمة البحرية الدولية (IMO) الاستمرار في دعم جهود الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك من خلال سرعة الانتهاء من مراجعة مشروع الخطة الإقليمية المحددة للحد من التأثيرات السلبية التي قد تنجم عن حدوث تسرب من الخزان العائم «صافر»، أو غرق الخزان أو انفجاره، والمشاركة في تنفيذها، والبحث عن سبل التمويل.
الطلب إلى الدول العربية والأفريقية، التي لها واجهات بحرية على البحر الأحمر، تطوير وتفعيل خططها الوطنية للاستجابة، للحد من التأثيرات السلبية عليها، والتي قد تنجم عن حدوث تسرب من الخزان العائم «صافر»، أو غرق الخزان أو انفجاره، وتعزيز التنسيق وتبادل الخبرات فيما بينها وباقي الدول العربية الأخرى.
الطلب من الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، ذات العلاقة، بتقديم الدعم للدول العربية والأفريقية، التي لها واجهات بحرية على البحر الأحمر، لتمكينها من مواجهة أي كارثة قد تنتج عن حدوث تسرب من الخزان العائم «صافر»، أو غرق الخزان أو انفجاره.
تكليف رئيس الدورة الحالية لمجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة بمخاطبة رئيس الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب، لتوضيح خطورة الموقف، وأهمية اتخاذ موقف دولي عاجل بشأنه.