أكثر من 6 ملايين مصاب «كورونا».. ومخاوف متزايدة من موجة ثانية
مع تسجيل أكثر من 6 ملايين إصابة بفيروس «كورونا» وما يزيد على 370 ألف حالة وفاة، بحلول نهاية شهر مايو 2020، سجلت العديد من دول العالم تراجعاً ملحوظاً في معدلات الإصابات، بينما عكست المؤشرات اتجاهها لتحقيق مزيد من الصعود في دول أخرى، بينما بدأ ظهور بؤر جديدة للإصابة، لتشكل أعباء إضافية على جهود محاصرة الفيروس، وسط مخاوف متزايدة، بدأت تجتاح العالم، من موجة جديدة لتفشي الفيروس المستجد «كوفيد-19» خلال فصل الصيف.
وجاءت أكثر الدول تضرراً جراء الجائحة العالمية في القارة الأوروبية، التي سجلت مجتمعةً، ما يتجاوز مليوني إصابة، وقرابة 180 ألف حالة وفاة، بينما سجلت الولايات المتحدة الأمريكية وحدها أكثر من مليون و700 ألف إصابة، و103 آلاف وفاة، قبل أن يبدأ الفيروس في الانتشار بوتيرة متسارعة في عدد من دول أمريكا اللاتينية، التي سجلت نحو 45 ألف إصابة خلال أقل من 24 ساعة، ليرتفع إجمالي الحالات المسجلة في دول المنطقة، بنهاية شهر مايو الماضي، إلى ما يقرب من مليون إصابة، و50 ألف وفاة.
وتأرجح مؤشر الوفيات في الولايات المتحدة، خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، ما بين 700 حالة في بداية الأسبوع، ثم قفز مرتفعاً إلى 1200 حالة يومي الخميس والجمعة، قبل أن يتراجع مجدداً عند معدل 950 حالة بنهاية الأسبوع، وفق إحصائيات كلية الطب والصحة العامة بجامعة «جون هوبكنز» في مدينة بلتيمور بولاية ميريلاند، الأمر الذي أرجعته السلطات الصحية إلى اكتشاف بؤر جديدة للفيروس، لم تكن معروفة من قبل، مما تسبب في ارتفاع الحالات المسجلة رغم انحسار الفيروس في معظم الولايات.
وعلى صعيد الوضع في القارة الأوروبية، فقد أبلغت وكالة الصحة الوطنية في فرنسا عن «قفزة مفاجئة» في حالات الإصابة بفيروس «كورونا»، بعد ساعة واحدة فقط من إعلان رئيس الوزراء، إدوار فيليب، يوم الخميس الماضي، عن خطط تخفيف القيود واستئناف العمل في الهيئات والمؤسسات التي جرى تعليق العمل بها على المستوى الوطني عند بداية الجائحة في شهر مارس الماضي، وأثناء إعلانه عن إعادة فتح المطاعم والمتاحف والمتنزهات اعتباراً من بداية يونيو، برر «فيليب» قرار حكومته بتخفيف القيود على تحركات الفرنسيين بقوله: «وصلنا لما كنا نأمل في الوصول إليه بنهاية مايو، وربما أفضل بقليل، إنها أنباء سارة، ولكنها ليست جيدة بما يكفي لعودة كل الأمور إلى ما كانت عليه».
إلا أن وكالة الصحة الوطنية أكدت، في اليوم التالي الجمعة، تسجيل زيادة غير متوقعة في أعداد المصابين، وأوضحت أن هذه الإحصائيات المفاجئة جاءت نتيجة استخدام أسلوب جديد للإحصاء، وصفته بأنه «أفضل وأكثر شمولاً»، ونفت أن تكون نتيجة بداية موجة ثانية لجائحة «كورونا»، إلا أن الوكالة الوطنية أعربت عن مخاوفها من معالجة الحكومة الفرنسية للأزمة، وأضافت، في تحذيراتها، قائلةً إن العدوى مستمرة في واحدة من أكثر البلدان تأثراً بالجائحة العالمية.
وتضمنت الإحصائيات الجديدة، التي كشفت عنها الوكالة الفرنسية الجمعة، الإعلان عن اكتشاف 96 بؤرة جديدة للفيروس في كافة أرجاء البلاد، منذ بدأت الحكومة في تخفيف الإجراءات والاحترازية وسياسة الإغلاق، في 11 مايو الماضي، وتمثلت غالبية تلك البؤر الجديدة في عدد من الشركات والمنشآت الطبية، كما أشارت الوكالة إلى أن فيروس «كوفيد-19» مازال يمثل تهديداً خطيراً في اثنين من أقاليم فرنسا الخارجية، حيث الرعاية الصحية أكثر ضعفاً، ومعدلات الفقر أعلى من البر الرئيسي، وهم إقليم «مايوت» في المحيط الهندي، و«غويانا الفرنسية» على ساحل الكاريبي بأمريكا الجنوبية.
وفيما يتعلق بتداعيات جائحة «كورونا» على الأوضاع الاقتصادية في دول أمريكا اللاتينية، كشفت وزارة الاقتصاد في البرازيل عن أن أكبر اقتصاد في المنطقة خسر أكثر من مليون وظيفة خلال الشهور الأربعة الأولى من عام 2020، نتيجة أزمة «كورونا»، وبحسب أرقام رسمية أصدرتها الوزارة، فقد خسر الاقتصاد البرازيلي أكثر من 240 ألف وظيفة في مارس، ثم 860 ألف وظيفة في أبريل، ولم يتضمن البيان عدد الوظائف التي خسرتها البرازيل خلال شهر مايو، مع تزايد أعداد الإصابات.
وعلى المستوى العالمي، فقد تزايدت التحذيرات من تسجيل موجة ثانية لتفشي فيروس «كورونا» مع حلول فصل الصيف، رغم تسجيل بعض الاستقرار في الوضع الوبائي بالنسبة لعدد من الدول، من بينها كوريا الجنوبية، التي تحدثت وسائل إعلامها عن بداية موجة ثانية بالفعل، بعد تسجيل ارتفاع في معدلات الإصابة بالعاصمة سيول خلال الأيام الأخيرة، وأفادت السلطات الصحية بأن الإصابات الجديدة جرى تسجيلها في بعض الحانات ومراكز بيع الأجهزة الإلكترونية.
ورغم أن كوريا الجنوبية كانت ثاني دول العالم من حيث أعداد المصابين بفيروس «كورونا»، بعد الصين، خلال شهر فبراير الماضي، إلا أنها تُعد من الدول التي أحرزت تقدماً كبيراً في مكافحة الوباء، وبينما أشارت تقارير كورية، نقلاً عن خبراء ومصادر طبية، إلى أن الموجة الثانية لم تصل بعد، فقد رجحت أن تبدأ هذه الموجة المحتملة خلال فصل الصيف، في حالة إذا ما ظلت أعداد المصابين الجدد في الارتفاع، ونظرا لعدم التزام الكثيرين بإجراءات التباعد الاجتماعي.
ونقلت التقارير عن الطبيب «كيم وو جو»، بمستشفى «غورو» الجامعي، تحذيره من أن الموجة الثانية قد تكون أشد ضراوةً، نظراً لأن غالبية الإصابات الجديدة يتم تسجيلها في العاصمة سيول، وهي مدينة عملاقة ذات كثافة سكانية عالية، بعكس إقليم «جيونغسانغ»، الذي كان يشكل بؤرة تفشي الوباء بداية هذا العام، كما أعرب عن قلقه من أن السلطات قد لا يمكنها السيطرة على الوضع في الموجة الثانية، خاصةً إذا سقط كثيرون من العاملين في قطاع الصحة فريسة للفيروس.