+20225161519 [email protected]

النفط والسياحة.. “كورونا” يضرب أهم مصادر الدخل في الدول العربية

أسعار البترول تتراجع إلى أقل من 50 دولاراً.. والفنادق والمزارات السياحية بدون “حياة”

ورغم أن عدد الإصابات في هذه الدول مجتمعة ما تزال أقل من مثيلاتها في دول أخرى كإيطاليا وإيران وكوريا الجنوبية، فإن تبعات الفيروس على اقتصاديات الدول العربية ستكون أيضاً كارثية في فترة قصيرة مع استمرار انتشار الفيروس، ويعود السبب في ذلك إلى أن هذا الفيروس يوجه ضرباته القاسية وشبه القاضية للقطاعات الاقتصادية الواحد تلو الآخر، وفي مقدمتها قطاعي السياحة والنفط.

وخلال أيام قليلة من الإعلان عن ظهور حالات إصابة في بعض الدول العربية، خلت الفنادق من السائحين، كما غابت الروح عن كثير من المزارات السياحية، التي طالما كانت تضج بالحياة، كما توقفت حركة السفر بين البلدان، بل وبين بعض المدن داخل الدولة، بالإضافة إلى إلغاء كافة الأنشطة العامة والمعارض في الدول التي أصابها الفيروس، فضلاً عن استمرار تراجع أسعار النفط الخام إلى مستويات أقل من 50 دولاراً للبرميل في الأسواق العالمية.

ونظراً لأن غالبية الدول العربية تعتمد على النفط أو على السياحة، أو على كليهما، في تحقيق إيراداتها المالية الرئيسية، فقد كان لحجم الضرر الذي لحق بهذين القطاعين أكبر الأثر على اقتصاديات تلك الدول، حيث يبرز الاعتماد الأساسي على النفط في دول مثل السعودية والكويت والإمارات والعراق والجزائر، وفي هذه الدول، باستثناء قطر التي تعتمد على صادرات الغاز إلى شرق آسيا بالدرجة الأولى، تشكل إيرادات النفط ما بين 60 و90 في المائة من الدخل العام.

وتعد الصين المستورد الأول للنفط الخليجي، تليها اليابان والهند وكوريا الجنوبية، وقبل ظهور فيروس “كورونا”، الذي تم تسجيل انتشاره أواخر العام الماضي 2019، كان الاقتصاد الصيني يستورد يومياً ما بين 1.5 و2 مليون برميل نفط من السعودية يومياً، أي أكثر من ربع الصادرات السعودية، ومع توسع رقعة انتشار الفيروس توقفت عجلة الانتاج في آلاف الشركات والمؤسسات الصينية بشكل جزئي أوكلي، ومن تبعات ذلك، تراجع أسعار النفط بنسبة تصل إلى نحو 25 في المائة خلال أقل من شهرين، من نحو 65 إلى أقل من 49 دولار للبرميل، بسبب تراجع الطلب والاستهلاك العالميين.

وفيما يتعلق بقطاع السياحة، فإنه يحتل أحد المراتب الثلاثة الأولى بين القطاعات الاقتصادية على صعيد الدخل وتشغيل الأيدي العاملة في العديد من الدول العربية، منها المغرب وتونس ومصر، وعلى سبيل المثال، بلغت إيرادات تونس من السياحة خلال العام الماضي 2019، إلى نحو 2 مليار دولار، بينما حققت المملكة المغربية إيرادات سياحية خلال نفس العام، بلغت نحو 8 مليارات دولار، وحتى الآن ما يزال تأثير “كورونا” على السياحة في هذه الدول محدوداً، نظراً لأن ذروة الموسم السياحي ليست في الشتاء.

وعلى العكس من ذلك، أدى انتشار “كورونا”، إلى جانب الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد، إلى انهيار سياحة العتبات المقدسة في العراق، وخاصة في النجف وكربلاء، التي يأتيها سنويا أكثر من 10 ملايين زائر، كما سجلت سياحة العمرة والسياحة الدينية إلى مكة والمدينة المنورة في السعودية، التي تجذب أكثر من 20 مليون زائر سنوياً، بمن فيها الحجاج، انهياراً حاداً نتيجة توقفها خلال الفترة الماضية، وسط احتمالات متزايدة بإلغاء الحج هذا العام، بسبب مخاطر الاختلاط وانتشار وباء كورونا، وهو ما يعني خسائر لكل من العراق والسعودية تُقدر بمليارات الدولارات.

ومع إعلان المزيد من شركات الطيران إلغاء رحلاتها، ومنع السفر إلى الدول التي سجلت إصابات الفيروس، فإن تراجع السياحة الدولية للدول العربية، القادمة من أوروبا والصين والولايات المتحدة، لن تقتصر أثارها على فترة وقف السفر، بل قد تمتد إلى ما بعد هذه الفترة بشهور طويلة، كما لن تقتصر تبعات ذلك على خلو الفنادق والمنتجعات والمعالم السياحية من زوارها، إذ طالت عشرات الآلاف من الموظفين والعمال المهددين بفقدان عملهم، فضلاً عن توقف مشروعات تطوير القطاع السياحي في مختلف الدول العربية.