نداء عالمي لخفض انبعاثات “الدفيئة” 7% سنوياً لتجنب كوارث مناخية
قبل أقل من أسبوع على بدء أعمال مؤتمر الأطراف الـ25 لاتفاقية تغير المناخ (COP 25) في العاصمة الإسبانية مدريد، في الثاني من ديسمبر 2019، أطلق برنامج الأمم المتحدة للبيئة نداءً جديداً بضرورة العمل على خفض انبعاثات غازات الدفيئة، على مستوى العالم، بنسبة 7% كل عام على مدار الـ10 سنوات المقبلة، حتى يصحح العالم مساره على الطريق نحو إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة مئوية، وتقليل الاختلالات المناخية إلى الحد الأدنى، على الأرواح والكوكب والاقتصادات.
وبينما أكد البرنامج الأممي، في تقرير أصدره يوم 26 نوفمبر 2019، توافر الحلول لجعل هذا الهدف ممكناً، فقد حذر من أنه حتى لو تم تنفيذ جميع الالتزامات غير المشروطة بموجب “اتفاق باريس″، فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بمقدار 3.2 درجة مئوية، مما يؤدي إلى آثار مناخية أوسع نطاقًا وأكثر تدميراً، موضحاً أنه لتحقيق هذه التخفيضات، يجب أن تزيد مستويات الطموح في المساهمات المحددة وطنياً، بمقدار 5 أضعاف على الأقل، للهدف المتمثل في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة.
واعتبر التقرير أن عام 2020 هو “عام حاسم” بالنسبة للعمل المناخي على المستوى العالمي، حيث يهدف مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP 26)، المقرر عقده في “غلاسكو” بالمملكة المتحدة، خلال شهر نوفمبر من العام المقبل، إلى تحديد المسار المستقبلي للجهود المبذولة لتجنب الأزمة، والبلدان التي يتوقع أن تزيد التزاماتها المناخية بشكل كبير.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إنه على الرغم من أن تقرير “فجوة الانبعاثات” ظل يدق “ناقوس الخطر” طوال 10 سنوات، فإن العالم قد زاد من انبعاثاته، وحذر من أن “الفشل في الاستجابة لهذه التحذيرات، واتخاذ إجراءات صارمة لعكس اتجاه الانبعاثات، يعني أننا سنشهد مزيداً من موجات الحر والعواصف والتلوث المميتة والكارثية”.
وحذرت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أن تجاوز درجة حرارة 1.5 درجة مئوية، سيزيد من تواتر وشدة تأثيرات المناخ، مثل التعرض لموجات الحر والعواصف، التي شهدتها جميع أنحاء العالم في السنوات القليلة الماضية، وأكدت أنه على جميع الدول أن تزيد بشكل كبير من طموحها في مساهماتها المحددة وطنياً، وفقاً لما جاء في التزامات “اتفاق باريس” المقرر تنفيذها قبل حلول عام 2020.
واعتبرت المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن، أن “فشلنا الجماعي في العمل مبكراً وبقوة، فيما يتعلق بتغير المناخ، يعني أنه يجب علينا الآن أن نحقق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات، أكثر من 7 في المائة كل عام على مدى العقد المقبل”، وأضافت: “نحن بحاجة إلى تحقيق انتصارات سريعة، ونحن نطلق تحولات تغير المناخ المجتمعية الجذرية”، وشددت “أندرسن” على أنه “إذا لم نقم بذلك، فإن هدف إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة مئوية، سيكون بعيد المنال، قبل عام 2030”.
وتمثل دول مجموعة الـ20 مجتمعة نحو 78% من جميع الانبعاثات، ولكن 5 دول فقط من أعضاء المجموعة أعلنوا التزامهم بتحقيق هدف طويل الأجل للانبعاثات الصفرية، وعلى المدى القصير، سيتعين على الدول المتقدمة خفض انبعاثاتها بشكل أسرع من الدول النامية، وذلك لأسباب ترجع إلى الإنصاف والعدالة، ومع ذلك، ستحتاج جميع البلدان إلى المساهمة بشكل أكبر في التأثيرات الجماعية، ويمكن للبلدان النامية أن تتعلم من الجهود الناجحة في البلدان المتقدمة، ويمكنها حتى تعديها واعتماد تقنيات أنظف وبمعدلات أسرع.
ويجري برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقييماً سنوياً للفجوة بين الانبعاثات المتوقعة في عام 2030، والمستويات التي تتفق مع أهداف اتفاق باريس للإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى بين 1.5 درجة ودرجتين مئويتين، وخلص تقرير هذا العام إلى أن انبعاثات غازات الدفيئة ارتفعت بنسبة 1.5% سنوياً خلال العقد الماضي، وسجلت الانبعاثات في عام 2018، بما في ذلك من التغييرات في استخدام الأراضي، مثل إزالة الغابات، ارتفاعاً جديداً بلغ 55.7 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون.
وللحد من درجات الحرارة، يجب أن تكون الانبعاثات السنوية في عام 2030 أقل من 15 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، أقل مما تشير إليه المساهمات المحددة وطنياً الحالية غير المشروطة، ويعني ذلك خفض الانبعاثات بنسبة 7.6% سنوياً، بدءاً من عام 2020 حتى 2030، لتحقيق الهدف النتمثل في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة مئوية، وخفض الانبعاثات بنسبة 2.7% سنوياً، للهدف المتمثل في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى درجتين مئويتين.
ولتحقيق هذه التخفيضات، يجب أن تزيد مستويات الطموح في المساهمات المحددة وطنياً يمقدار 5 أضعاف على الأقل للهدف المتمثل في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة مئوية، و3 أضعاف للهدف المتمثل في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى درجتين مئويتين، وتعمل المساهمات المحددة وطنياً الحالية فقط على سد خُمس وثلث فجوة الانبعاثات على التوالي.
ولفت التقرير إلى أن جهود الحد من التغيرات المناخية لا تزال تقتصر على الهدف المتمثل في إبقاء ارتفاع درجات الحرارة دون مستوى 1.5 درجة مئوية، مشيراً إلى أن هناك فهم متزايد للفوائد المتعددة للعمل المناخي، مثل الهواء النظيف، وتعزيز العديد من أهداف التنمية المستدامة، والعديد من الأمثلة على الجهود الطموحة المبذولة من الحكومات الوطنية ودون الوطنية، والشركات والمستثمرين.
ويركز التقرير، كما يتم كل عام، على إمكانات القطاعات المختارة لتنفيذ تخفيضات للانبعاثات، وينظر هذا العام في التحولات التي يمكن أن يشهدها قطاع الطاقة، وإمكانية الكفاءة في استخدام المواد، والتي يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في سد فجوة الانبعاثات.