+20225161519 [email protected]

الإعلان السياسي لقمة التنمية المستدامة.. دعوة لعقد من العمل الطموح والإنجاز “متعدد الأطراف”

“التأهب لعقد من العمل والإنجاز من أجل التنمية المستدامة”.. كان عنوان الإعلان السياسي الصادر في ختام قمة الأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة، التي عقدتها المنظمة الدولية يوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2019، ضمن أعمال الدورة 74 للجمعية العامة، ليواكب الإعلان، الذي تم تبنيه بالإجماع، مع مرور 4 سنوات على اعتماد خطة التنمية المستدامة لعام 2030، حيث أعلن قادة العالم عن سلسلة من الإجراءات للسير قدماً لتحقيق الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة، شملت تعهدات بحشد مزيد من التمويل، وتعزيز التنفيذ الوطني، وكذلك تعزيز المؤسسات من أجل تحقيق تلك الأهداف، وعدم ترك أحد يتخلف عن الركب.

وفيما أكد قادة ورؤساء حكومات الدول المشاركة في القمة، على الحاجة إلى الإسراع بخطى العمل على جميع المستويات، ومن جانب جميع الجهات صاحبة المصلحة، من أجل تحقيق “أجندة 2030” وأهدافها، فقد شددت أيضاً على الحاجة إلى العمل المتضافر والطموح، كما أقرت مجموعة من القرارات والتوصيات، تضمنها الإعلان السياسيى، جاء في مقدمتها: عدم ترك أحد يتخلف عن الركب، وتعبئة التمويل الكافي والجيد التوجيه، وتعزيز التنفيذ على الصعيد الوطني، وتعزيز المؤسسات من أجل إيجاد حلول أكثر تكاملاً، وكذلك تعزيز تعزيز العمل على الصعيد المحلي للإسراع بالتنفيذ.

كما تضمن الإعلان السياسي التأكيد على الحد من مخاطر الكوارث وبناء القدرة على الصمود، والتغلب على التحديات من خلال التعاون الدولي وتعزيز الشراكة العالمية، والاستفادة من العلم والتكنولوجيا والابتكار مع زيادة التركيز على التحول الرقمي من أجل تحقيق التنمية المستدامة، والاستثمار في البيانات والإحصاءات المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة، فضلاً عن تعزيز المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، الذي تعقده اللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة سنوياً، في شهر يوليو من كل عام.

رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، تيجاني محمد باندي، الذي دعا إلى عقد قمة حول أهداف التنمية المستدامة، قال “إن أجندة 2030 كانت إنجازاً متعدد الأطراف، وإن التعددية هي الطريقة الوحيدة لمعالجة التحديات العالمية المعقدة التي تواجهها الأجيال الحالية والمقبلة”، مضيفاً أن “عقداً من العمل هو فرصتنا للوفاء بالوعد التاريخي لخطة عام 2030، وضمان العمل الجماعي والعالمي والمسؤولية المشتركة”، واختتم كلمته قائلاً: “يجب أن نتحرك ونسعى معاً لخدمة الجميع”.

“غوتيريش”: “أجندة 2030” تتطلب استثمارات سنوية بـ7 تريليون دولار.. ولسنا على الطريق الصحيح

أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فقد حث الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها، ودعا جميع قطاعات المجتمع إلى التحرك من أجل خطة عام 2030. وقال: “يجب أن نكثف جهودنا”، مشدداً على أن “الوقت قد حان لقيادة جريئة على الصعيدين الفردي والجماعي”، كما دعا إلى اتخاذ إجراءات طموحة من قبل الدول الأعضاء والسلطات المحلية والقطاع الخاص، مطالباً وسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية والشباب بتحريك الشراكات ومحاسبة الزعماء، وشدد في ختام كلمته: “نحن بحاجة إلى التحرك معاً، دون أن نترك أحداً يتخلف عن الركب.

وشملت الإجراءات، التي تم الإعلان عنها خلال القمة، وجاءت دعماً لجهود تحقيق هداف التنمية المستدامة، التزام البرازيل بخفض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة الثلث بحلول 2030، وتعهد فنلندا بتحقيق “حياد الكربون” بحلول 2035، وشراكة جزر المالديف مع عدد من الشركات متعددة الجنسيات لإنشاء إطار وطني لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وكذلك تعهد المكسيك بتوفير الوصول إلى الإنترنت للجميع، بما في ذلك المجتمعات الضعيفة، والتزام اليونان بالنمو الأخضر من خلال “الاقتصاد الدوار”.

كما تضمنت إعلان هولنداً التزامها بمضاعفة العدد المستهدف للأشخاص الذين يصلون إلى العدالة، من خلال تقديم الدعم لمناطق في أفريقيا والشرق الأوسط، والتزام شركات من 25 دولة بخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050، كجزء من مبادرة الميثاق العالمي للأمم المتحدة، بعنوان “طموح الأعمال من أجل 1.5 درجة مئوية: مستقبلنا الوحيد”، بالإضافة إلى مشروع “أكبر درس في العالم” للجميع، الذي يشارك فيه أكثر من نصف مليون طالب في نيجيريا، للتعرف على أهداف التنمية المستدامة.

وبرز خلال مناقشات قمة الأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة، أن العالم يحتاج إلى استثمارات تمويلية سنوية تتراوح بين 5 و7 تريليون دولار، لتحقيق أهداف “أجندة 2030″، الأمر الذي دفع غوتيريش إلى القول أمام قادة الدول ورواد الأعمال، المشاركين في القمة: “لسنا على الطريق الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”، معتبراً أن “تمويل أهداف التنمية المستدامة هو اختبار لجديتنا في تحقيق هذه الأهداف”، وشدد على قوله: “دون موارد تمويل، فإننا ببساطة لن يمكننا الوفاء بوعدنا، سواء للبشر أو للكوكب”.

غير أن الأمين العام تحدث عن “الفرص العديدة المتاحة”، بقوله إنه “بالتمويل الكافي والمستدام والمنتظم، فإن كل شيء ممكن”، لافتاً الانتباه إلى توفر رأس مال خاص في الأسواق المالية العالمية، يبلغ مجموع حجمه أكثر من 200 تريليون دولار، معتبراً أنه يحقق “معدلات دخل ضئيلة” في الغالب، وأوضح أنه يمكن توجيه هذه الأموال نحو مشاريع استثمار مستدامة أكثر إنتاجية، وعبر أدوات التمويل المبتكرة، داعياً فى الوقت نفسه إلى زيادة الطموح في تمويل التنمية، وتمويل المناخ، والتمويل الذي سيمكن الأسواق من النمو والشركات التجارية من الازدهار والناس من العيش بكرامة.

“السيسى”: التنمية المستدامة في مقدمة أولويات مصر ولدينا خطة متكاملة لتنفيذ “رؤية 2030”

الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كان واحدة من أبرز القادة الذين تحدثوا أمام قمة الأمم المتحدة حول أهداف التنمية المستدامة، معتبراً أن “أجندة 2030” تُعد إحدى أهم إنجازات التعاون الدولي والتنموي، وإحدى ركائز المجتمع الدولى متعدد الأطراف، وبينما أشار إلى أن السنوات الأخيرة شهدت إنجازات أسهمت في تطوير مفاهيم ومعطيات التنمية، إلا أنه شدد على أن “الطريق مازال طويلاً للوصول إلى ما توافقنا عليه”، حيث أصبحت التحديات المعاصرة، وعلى مختلف الأصعدة، “تتشابك في آثارها مع بعضها البعض، بما يعزز، يوماً بعد يوم، من وحدة مصيرنا المشترك، وأهمية العمل الجماعي”.

ودعا الرئيس السيسي إلى تحرك المجتمع الدولي على 3 محاور للإسراع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، موضحاً أن المحور الأول يتضمن البناء على الالتزام السياسي من جانب الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والإقليمية، وحشد الجهود نحو استدامة العمل الجماعي الجاد، وفقاً للأولويات الوطنية، أما المحور الثاني فيرتكز على مضاعفة الجهود لتوفير التمويل اللازم، على نحو يتناسب مع مستوى الطموح المأمول، وحجم التحديات القائمة، دون “مشروطية سياسية”، أو محاولات لفرض نماذج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعينها، ويتمثل المحور الثالث في رفع قدرات الدول على النهوض، وزيادة كفاءة المؤسسات الوطنية، ودعم القدرات البشرية، وتكثيف الروابط بين جميع أركان العملية التنموية.

وجدد الرئيس المصري تأكيده على أن مصر وضعت محور التنمية المستدامة في مقدمة أولوياتها الوطنية، فكانت في طليعة الدول التي تبنت خططاً وطنية تتكامل وتسهم في تنفيذ أهداف خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، وتجسد ذلك في الاستراتيجية الوطنية “رؤية مصر 2030″،  التي تستند إلى محرك أساسي يتمثل في برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي، نجح في تحقيق العديد من النتائج والمؤشرات الإيجابية على جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، بما يعزز من حقوق الإنسان للمواطن المصري بمفهومها الشامل.

كما تحدث “السيسي” أمام القمة باعتباره رئيساً للاتحاد الأفريقي، قائلاً: “مثلما توافقنا على المستوى الدولي على أهداف تنموية محددة للأمم المتحدة، فقد أدركت قارتنا الأفريقية أهمية صياغة رؤيتها التي تلبي طموحات واحتياجات شعوبها، من خلال أجندة أفريقيا 2063″، داعياً المجتمع الدولي إلى “دعم هذا الإطار التنموي، ليس فقط بدافع التضامن، ولكن كذلك من منطلق وحدة المصير المشترك، وكذلك بالنظر إلى الآثار الإيجابية لنجاح جهود التنمية في أفريقيا على الاقتصاد العالمي ككل، وعلى نجاح رؤيتنا الأممية لتحقيق التنمية المستدامة”.

وتحدث أمام القمة عدد من القادة السياسيين ورواد الأعمال في العالم، من ضمنهم رئيس غانا، نانا أدو دانكوا أكوفو، الذي قال: علينا أن نغتنم هذه الفرصة للعمل مع شعوب أفريقيا، ومع فئات سكاننا المتنامية من الشباب المتعلمين والمهرة، يمكننا أن نبني أفريقيا المزدهرة والواثقة بنفسها، أفريقيا متجاوزة للمساعدات”، بينما أكد رجل الأعمال بيل غيتس، مؤسس شركة “مايكروسوفت”، ومؤسسة “بيل وميليندا غيتس” الخيرية، أنه “لا تزال أمامنا مسافة طويلة لنصل إلى تحقيق الوعد الكامل لأهداف التنمية المستدامة للجميع″، معتبراً أن الوفاء بهذا الوعد سوف يتطلب الإرادة السياسية لتعبئة الموارد المحلية بشكل منصف، وحماية المساعدات، وتوجيه الموارد إلى حيث تكون الحاجة إليها في أشدها.