المنتدى السياسي للتنمية المستدامة.. فرصة غير مسبوقة للشمولية والمساواة بين البشر
رسائل المنتدى تدعو إلى تجديد الالتزام بالعمل فى وقت يتطلب “الجرأة” وتنفيذ “خطة 2030”
6 دول عربية تقدم تقاريرها الوطنية الطوعية.. ورئيس المنتدى العربي يستعرض أولويات المنطقة
“من الضروري العمل الآن في ظل تجديد الالتزام وتسريع الإجراءات”، إحدى الرسائل التي أكد عليها المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة لعام 2019، في ختام أعماله بمقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال الفترة من 9 إلى 18 يوليو، تحت عنوان “تمكين الناس وضمان الشمول والمساواة”، بهدف متابعة التقدم في تنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030، بمشاركة كبار المسؤولين وصناع القرار من أكثر من 47 دولة.
وأعلن رئيس إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة، ليو تشانمين، عن إطلاق “مدونة” على الموقع الإلكتروني لقمة أهداف التنمية المستدامة، من أجل تسجيل الإجراءات والتطبيقات ذات الصلة، مؤكداً أن “الرسالة القوية” لأهداف التنمية المستدامة الـ17 تتمثل في “توحيد الجهود من أجل خلق مستقبل منصف ومزدهر ومستدام للجميع″، وشدد على ضرورة العمل بشكل جماعي لتحقيق “أجندة 2030″، من خلال إدارة المخاطر المتنامية بشكل أفضل، واغتنام الفرص الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
واستعرض نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، فالنتين ريباكوف، عدداً من الرسائل الرئيسية للمنتدى، مؤكداً الحاجة إلى ضمان الشمولية والمساواة فيما يتم العمل على تمكين البشر، كما لفت إلى الارتباط القوي بين “أجندة 2030” وما يُسمى بـ”نظام PS خمسة”، أي “الناس، وازدهار الكوكب، والسلام، والشراكة”، مشيراً إلى التغيرات العالمية منذ عام 2015، عندما تم الاتفاق على أهداف التنمية المستدامة، وهي التغيرات التي تؤثر بشكل كبير على خطة 2030.
وأكد “ريباكوف” أن “تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب تغييراً فورياً في المسار، ونحن بحاجة إلى معالجة أوجه الضعف وعدم المساواة عميقة الجذور”، عبر الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة، ومن خلال التركيز على السياسات التي تهدف إلى عدم ترك أي شخص يتخلف عن الركب، ومعالجة الآلية التي أدت إلى تركيز الثروة والسلطة في أيدي أفراد دون سواهم.
وأطلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، فعاليات المنتدى رفيع المستوى بالتحذير من أن تزايد عدم المساواة في العالم يقوض من فرص النمو على المدى الطويل، كما حذر من أن “معدلات الفقر المدقع مازالت لا تتراجع بالسرعة الكافية”، وشدد على أن “التنمية لن تكون مستدامة إن لم تكن عادلة وشاملة للجميع″، داعياً حكومات الدول الأعضاء على التفكير بجد في عقد اجتماعات حاسمة على مستوى عال، خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر المقبل.
كما اعتبر المسؤول الأممي أنه لا توجد دولة في العالم تسير على الطريق الصحيح، فيما يتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين، كهدف من أهـداف التنمية المستدامة، واستشهد على ذلك بقوله: “لا تزال القوانين التمييزية، وعدم المساواة في الوصول إلى الفرص والحماية، وارتفاع مستويات العنف، وطرق التفكير السائدة المضرة، تعوق تقدم المرأة”.
وأكدت رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، إنغا روندا كينغ، أن المنتدى يشكل فرصة حقيقية لمراجعة النجاحات والتحديات والدروس المستفادة حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ودعت جميع المشاركين في أعمال المنتدى، سواء من ممثلي الأجهزة الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأطراف المعنية الأخرى، إلى الاستفادة من هذا المنبر إلى أقصى حد، بقولها: “أمامنا فرصة غير مسبوقة للتحدث مع بعضنا البعض، والتعلم من بعضنا البعض، فهذه لحظة عالمية نلتقي فيها جميعاً”.
ووصفت رئيس أيرلندا السابقة، ماري روبنسون، المنتدى السياسي رفيع المستوى بأنه “لحظة تتطلب الجرأة من قادة يعملون بطموح حقيقي”، وأضافت رئيس “لجنة حكماء العالم”، التي أسسها رئيس جنوب أفريقيا عام 2007 وتضم مجموعة مستقلة من القادة والسياسيين من أجل السلام والعدالة وحقوق الإنسان، أن “ممارسة العمل كالمعتاد لن يحقق النتائج التي يحتاجها العالم”، وقالت: “نحن بحاجة إلى أن نرى استثماراً أكبر بكثير في العدالة، كمانع لحدوث النزاعات، وكداعم للنمو الاقتصادي”.
وبينما أقرت منظمة الأمم المتحدة والهيئات والوكالات الفرعية بأن حشد وسائل أهداف التنمية المستدامة يمثل تحدياً كبيراً، وأن التعاون الدولي ضروري لتحقيق ذلك، فقد أطلقت المنظمة الدولية، خلال فعاليات المنتدى السياسي رفيع المستوى، تقريرها الجديد حول أهداف التنمية المستدامة، والذي جاء بعد 4 سنوات من تبني العالم لخطة التنمية المستدامة 2030، بهدف جعل الكوكب أكثر عدلاً وصحة.
وتضمن التقرير الإشارة إلى التقدم المحرز في بعض المجالات، مثل الحد من الفقر المدقع، والتحصين على نطاق واسع، وزيادة إمكانية الحصول على الكهرباء، ولكنه حذر، في الوقت نفسه، من أن الاستجابات العالمية لم تكن طموحة بما فيه الكفاية، مما زاد من معاناة أكثر الناس والبلدان ضعفاً، وبشكل عام، كشف التقرير عن أن تغير المناخ، وتزايد انعدام المساواة، لا يؤديان فقط إلى تقويض التقدم نحو تحقيق أجندة 2030، بل يهددان أيضاً بعكس العديد من المكاسب التي تحققت خلال العقود الماضية.
وشهد المنتدى مشاركة عربية واسعة، لنقل طموحات وصوت المنطقة العربية إلى العالم، حيث عرضت 6 دول عربية، هي تونس والجزائر والعراق وسلطنة عُمان والكويت وموريتانيا، تقاريرها الوطنية الطوعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما ترأست الأمين التنفيذي للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “الإسكوا”، الدكتورة رولا دشتي، وفد اللجنة إلى المنتدى رفيع المستوى، كما قدم وزير التخطيط العراقي، نوري الدليمي، بصفته رئيس المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2019، تقرير المنطقة العربية، والتوصيات التي خرج بها المنتدى في شهر أبريل الماضي، وخصوصاً أولويات المنطقة لتمكين الناس، وضمان الشمول والمساواة.
وبينما ركز المنتدى هذا العام على أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالتعليم الجيد ،والنمو الاقتصادي، والحد من أوجه عدم المساواة، والعمل المناخي، وتشجيع وجود المجتمعات السلمية الشاملة للجميع، إضافة إلى تقوية الشراكات، فقد شهدت فعاليات المنتدى جلسة عامة حول العمل المناخي، تناولت الضرر الذي يلحق بالدول العربية نتيجة التغيرات المناخية، على صعيد التنمية المستدامة، حيث أكدت “دشتي” على أهمية العمل للتخفيف من هذه الأضرار، معتبرةً أن التكيف مع أثار تغير المناخ يشكل أولوية بالنسبة للدول النامية، خاصةً الدول الأقل نمواً، والتي حصلت على 2% فقط من التدفقات المالية للمنطقة العربية المتعلقة بالمناخ.
وخلال إطلاق منصة التعلّم الخاصة بأهداف التنمية المستدامة، بمبادرة من معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR)، وكلية موظفي منظومة الأمم المتحدة (UNSSC) وشركائهما، شددت الأمين التنفيذي للإسكوا على أهمية التعاون مع اللجنة من أجل إعداد مواد تعليمية باللغة العربية خاصة بالمنطقة، حيث تقدم المنصة مجموعة من الدروس المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة، ومواد تعليمية بلغات متعددة.
وبالإضافة إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى، من المزمع أن يستضيف مقر الأمم المتحدة مؤتمر قمة القادة، خلال يومي 24 و25 سبتمبر 2019، برعاية الجمعية العامة، وهي القمة الأممية الأولى حول أهداف التنمية المستدامة، منذ اعتماد خطة التنمية المستدامة في سبتمبر 2015.
أهداف التنمية المستدامة قيد المراجعة:
- الهدف 4. ضمان التعليم الجيد، المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.
- الهدف 8. تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع.
- الهدف 10. الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها.
- الهدف 13. اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره.
- الهدف 16. تعزيز المجتمعات السلمية والشاملة من أجل التنمية المستدامة، وإتاحة الوصول إلى العدالة للجميع، وبناء مؤسسات فعالة ومسؤولة وشاملة على جميع المستويات.
- الهدف 17. تعزيز وسائل تنفيذ وإنعاش الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.
النتائج الرئيسية لتقرير أهداف التنمية المستدامة:
- زيادة عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها يتطلب اهتماما عاجلا.
- عام 2018 كان رابع عام من حيث ارتفاع الحرارة في ظل زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون.
- ارتفاع حموضة المحيطات إلى 26 في المائة- أعلى من زمن ما قبل الصناعة- في ظل زيادة متوقعة من 100 في المائة إلى 150 في المائة بحلول عام 2100.
- انخفاض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع من 36 في المائة في عام 1990 إلى 8.6 في المائة في عام 2018، لكن وتيرة الانخفاض بدأت تتراجع في ظل انتشار الحرمان والصراعات العنيفة والكوارث الطبيعية.
- ارتفاع الجوع العالمي بعد انخفاض مطرد.