“العربي للمياه” يضغط “جرس الإنذار”: 85% من مياهنا تنبع خارج المنطقة
تشكل قضية ندرة المياه، بكافة أبعادها البيئة والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاستراتيجية، واحدة من كبرى التحديات التي تواجه العالم العربي خلال السنوات والعقود القادمة، مما يوجب على الدول العربية أن تتعامل معها بشكل مشترك، وبمسؤولية كاملة، تراعي استخدامات اليوم، وتضمن احتياجات المستقبل، وهذا ما أكد عليه المجلس العربي للمياه، خلال اجتماعات الدورة الخامسة للجمعية العمومية، التي عُقدت في القاهرة على مدار يومي 16 و17 مارس الجاري، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، وبمشاركة أكثر من 400 من ممثلي حكومات مختلف الدول العربية، ومندوبي المنظمات الإقليمية والدولية، وممثلي المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.
وفي كلمته بافتتاح الاجتماعات، تحدث أمين الجامعة العربية عن ما آلت إليه قضية المياه من حضور ملموس على الأجندة الدولية، ورصد تصاعد الحديث عن مخاطر الجفاف، وندرة المياه في المستقبل، والاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع أوضاع قد لا يكون بالإمكان التنبؤ بأبعادها الخطيرة على نحو كامل في الوقت الحالي، محذراً من أنها ستكون أكثر صعوبة، وستمثل ضغوطا إضافية على الموارد المائية، في ظل تزايد الحاجة إلى التنمية وتوفير الغذاء، بالإضافة إلي التغيرات المناخية، التي تؤدي إلى تفاقم خطورة أوضاع هشة بالفعل، واعتبر أن هناك العديد من الأحداث التي تُعد بمثابة “جرس إنذار” للتنبيه بضرورة التصدي لهذه القضية بالتخطيط السليم، وبالاستعداد الكامل.
وأوضح “أبو الغيط” أن المنطقة العربية تعاني من الندرة المائية، وتواجه درجات مختلفة من الجفاف، التي قد تزداد حدتها مع الوقت في بعض المناطق، بسبب ظاهرة التغير المناخي، بالإضافة إلى أن المنطقة العربية، رغم أنها صاحبة أكبر عجز غذائي في العالم، إلا أنها الأسرع نمواً في عدد السكان، مشيراً إلى أن 85% من المياه العربية تنبع من خارج أراضي الدول العربية، وهو ما يمثل “تحدياً حقيقياً بالمعني الاستراتيجي الشامل”، على حد وصفه.
ولفت إلى أن هناك تجليات اجتماعية واقتصادية خطيرة لظاهرة نقص المياه في بعض المناطق العربية، وما يمكن أن تفرزه من مظاهر عدم الاستقرار والاضطرابات والعنف، موضحاً أن موسم الجفاف، الذي سبق اشتعال الأوضاع في سوريا واستمر لسنوات، كان أحد أسباب تردي الأوضاع في المناطق الريفية، وهجرة مئات الآلاف إلى المدن، مما تسبب في خلق حالة عامة من الاضطراب والتوتر، بالإضافة إلى معاناة الفلسطينيين وما تتعرض له مياههم وخزاناتهم الجوفية في الضفة الغربية، من سرقة ونهب علي يد سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تضخ هذه المياه المنهوبة في مستوطنات غير قانونية، أُقيمت على أرض محتلة، في تناقض صارخ ليس فقط مع القانون الدولي، وإنما مع الضمير الإنساني.
وأضاف الأمين العام للجامعة العربية أن دور المجلس العربي للمياه، منذ إنشائه في عام 2004، يُعد محورياً في الوصول إلى فهم أعمق وإدارة أفضل للموارد المائية، وأن عمل المجلس ونشاطه لم ينقطع خلال الفترة الأخيرة، برغم كل الظروف والتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، كما أكد أن المجلس العربي للمياه يُعد شريكاً أساسياً للمجلس الوزاري العربي للمياه، والذي أنشأ بمبادرة من الجامعة العربية في 2008، إيماناً منها بأولوية قضية الأمن المائي العربي، وإيذاناً ببدء مرحلة جديدة للعمل العربي المشترك في مجال المياه، والتي كان من ثمارها تبنى الاستراتيجية العربية للأمن المائي 2010 – 2030، والتي تم إقرارها في القمة العربية ببغداد عام 2012، وتمت المصادقة على خطتها التنفيذية في قمة نواكشوط 2016.
ومن جانبه، حذر رئيس المجلس العربي للمياه، الدكتور محمود أبوزيد، في كلمته أمام اجتماعات الدورة الخامسة للجمعية العمومية للمجلس، من أن “الأمن المائي بات يشكل تحدياً كبيراً على الصعيدين المحلي والإقليمي”، وأضاف أن قضية ندرة المياه في المنطقة العربية شكلت مصدراً للعديد من المخاطر التي توجهها المنطقة، على الجانب الاجتماعي والاقتصادي والبيئي والسياسي، ولفت إلى أن منطقة الشرق الأوسط تتميز بارتفاع نمو السكان بنحو 2% سنوياً، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان داخل المناطق الحضرية بالدول العربية، حلول عام 2050، إلى ما يقرب من 400 مليون نسمة.
أما الأمين العام للمجلس العربي للمياه، الدكتور حسين العطفي، فقد تحدث عن هدف الاجتماع، والذي يتمثل في مناقشة كافة المشكلات المتعلقة بقضية المياه، وتوحيد الرؤى حول هذه المشكلات في المنطقة العربية، بالإضافة إلى مناقشة تأثيراتها على خطط التنمية المستدامة، ووصف تحديات المياه في المنطقة بأنها “كبيرة وكثيرة”، في ضوء تنامي الزيادة السكانية، ووقوع معظم الدول العربية في منطقة جافة، إضافة إلى تأثيرات التغيرات المناخية على الأمن الغذائي، لافتاً إلى أن الدول العربية تستورد أكثر من نصف غذائها من الخارج، كما شدد على ضرورة العمل بشكل مشترك لمواجهة هذه التحديات.