الاقتصادات المستدامة تتصدر جدول أعمال جمعية الأمم المتحدة للبيئة
إطلاق علوم جديدة حول حالة البيئة وتحقيق أهداف اتفاق باريس واستراتيجية 2030
تحت شعار “حلول مبتكرة للتحديات البيئية ومن أجل الاستهلاك والإنتاج المستدامين”، يجتمع أكثر من 4 آلاف و700 من رؤساء الدول والحكومات والوزراء وقادة الأعمال ومسؤولي الأمم المتحدة وممثلي المجتمع المدني، فى العاصمة الكينية نيروبي، خلال الفترة من 11 إلى 15 مارس 2019، للمشاركة في أعمال الدورة الرابعة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، أعلى هيئة لصنع القرار البيئي في العالم، لاعتماد مجموعة من القرارات من شأنها نقل المجتمعات إلى مسارات أكثر استدامة.
ويُعد اجتماع الدورة الرابعة أكبر تجمع في تاريخ الجمعية القصير، الذي بدأ منذ 4 سنوات، حيث من المتوقع أن يصل عدد الحضور في الدورة الرابعة تقريباً ضعف عدد الحضور في الدروة الثالثة، التي عقدت في ديسمبر 2017، كما يتوقع حضور عدد من كبار السياسيين على مستوى العالم، من ضمنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس كينيا أوهورو كينياتا، وكبار المديرين التنفيذيين من الشركات الكبرى.
ومن المتوقع اتخاذ قرارات ونتائج جريئة، حيث سيتفاوض المندوبون على مدى 5 أيام، وستكون هناك قرارات مطروحة على الطاولة، لبذل المزيد من الجهد من أجل استخدام أنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامين، والالتزام بحماية البيئة البحرية من التلوث البلاستيكي، والحد من النفايات الغذائية، وتعزيز الابتكار التكنولوجي الذي يحارب تغير المناخ، ويقلل من استخدام الموارد، وفقدان التنوع البيولوجي.
وتُعتبر جمعية الأمم المتحدة للبيئة الهيئة الوحيدة للمنظمة الدولية التي تعقد خارج نطاق الجمعية العامة، حيث تجتمع جميع الدول الأعضاء ومن مختلف القطاعات، بما يعني أن القضايا المطروحة على جدول أعمال الدورة الرابعة تحظى باهتمام عالمي، كما أن القرارات الصادرة عنها سيكون لها تأثير عميق على أهداف اتفاق باريس، وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وكذلك تمهيد الطريق نحو عقد قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي لعام 2019.
وقبل ساعات قليلة من بدء الاجتماع، ناشدت المديرة التنفيذية للأمم المتحدة للبيئة بالنيابة، جويس مسويا، مختلف دول العالم تكثيف من جهودها لإحداث تغيير حقيقي، وجاء في رسالتها: “الوقت ينفذ، لقد تخطينا مرحلة التعهدات والمناورات السياسية، لقد تخطينا الالتزامات، مع القليل من الشعور بالمساءلة، والأمر المعرض للخطر هنا هو الحياة والمجتمع، كما يعرفها معظمنا ويتمتع بها اليوم”.
وفي الوقت الذي يتوافد فيه المندوبون إلى العاصمة الكينية من أجل حضور اجتماعات الجمعية، أعربت منظمة الأمم المتحدة للبيئة عن عميق الحزن والأسى لحادث سقوط طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية، التي كانت في طريقها من أديس أبابا إلى نيروبي، وتوجهت بالمواساة إلى أهالي ضحايا الحادث، وأكدت أنها تتابع تطورات الكارثة عن كثب.
وتضمن تقرير المعلومات الأساسية للأمم المتحدة للبيئة، المقرر عرضه على اجتماعات الدورة الرابعة، ويشكل أساساً لتحديد المشاكل، ووضع مجالات عمل جديدة، حجة قوية لاتخاذ إجراءات عاجلة، حيث يضع التقرير قيمة خدمات النظام البيئي المفقودة بين عامي 1995 و2011، عند 4 تريليونات دولار، إلى 20 تريليون دولار، ويوضح كيف أن الممارسات الزراعية تضع ضغوطاً متزايدة على البيئة، بتكلفة تقدر بنحو 3 تريليونات دولار في السنة، وتقدر التكاليف المتعلقة بالتلوث بنحو 4.6 تريليونات دولار سنوياً.
وقال رئيس جمعية الأمم المتحدة للبيئة ووزير البيئة في إستونيا، سييم كيزلر: “كما لم يحدث من قبل، حان وقت العمل الآن”، وأضاف: “نحن نعلم أنه بإمكاننا بناء مجتمعات أكثر استدامة ورخاء وشمولاً وأنماط استهلاك وإنتاج مستدامة، تتصدى لتحدياتنا البيئية، ولا تترك أحداً خلف الركب، ولكننا سنحتاج إلى تهيئة الظروف المواتية لتحقيق ذلك، وسنحتاج إلى القيام بالأشياء بشكل مختلف”.
كما تنظر الجمعية في بحث جديد أصدرته الأمم المتحدة للبيئة، بما في ذلك الإصدار الأخير من المسح العالمي الشامل الوحيد للبيئة في العالم: “الطبعة السادسة من توقعات البيئة العالمية”، التي قام بإنتاجها 252 عالماً وخبيراً من أكثر من 70 بلداً، وفي الوقت نفسه، يقوم فريق الموارد الدولي، التابع لتوقعات الموارد العالمية، بتقييم استخراج المواد، بما في ذلك التوقعات المستقبلية، والتوصيات المتعلقة بكيفية استخدام الموارد الطبيعية على نحو أكثر استدامة.
وعن توقعات البيئة العالمية، شددت “مسويا”، على أنه “من الواضح أننا بحاجة إلى تغيير الطريقة التي تعمل بها اقتصاداتنا، والطريقة التي نقدر بها الأشياء التي نستهلكها، فمن خلال إزالة الكربون من اقتصاداتنا، سنكون قادرين على كسر الصلة بين النمو وزيادة استخدام الموارد، ووضع حد لثقافة الاستهلاك المُهدر”.
ولا يقتصر دور الجمعية على اتخاذ القرارات أو الحديث عن منافع العلوم فقط، بل توفر الأحداث والمعارض الجانبية الفرصة للحاضرين لإقامة الشراكات وعقد الصفقات التي تفيد الناس والبيئة، حيث يعمل “معرض الابتكار المستدام” كمركز للابتكار، حيث يتم عرض أكثر من 40 تقنية وابتكار بيئي، كما أن “قمة الكوكب الواحد”، التي شاركت في تنظيمها حكومتا فرنسا وكينيا والبنك الدولي، تُعقد أيضا على هامش اجتماعات الجمعية، مع التركيز على التحديات البيئية التي تواجهها القارة الأفريقية.
وكذلك، أطلق “منتدى سياسات العلوم والأعمال التجارية”، التابع للأمم المتحدة، قبل انعقاد جمعية الأمم المتحدة للبيئة، مبادرات بشأن استخدام البيانات الهائلة، والتعلم الآلي، والشركات الناشئة للتكنولوجيا الخضراء المراعية للبيئة، لحل المشاكل البيئية الكبرى.