أمام الصالون الدولي حول البنايات والتكنولوجيات الحديثة بالجزائر
«رائد» تعرض تجربتها في حماية المباني من المخاطر الناجمة عن الزلازل
تعتبر المشاكل الخاصة بالبناء والتعمير وتنظيم المجال العمراني من أهم الأمور التي تشغل المعنيين في المجال الوقائي للحماية من المخاطر الكبرى، حيث أن ضعف المباني هو السبب الرئيسي في كثير من المآسي، مع إمكانية الدمار، إثر كارثة طبيعية أو من فعل الإنسان، الأمر الذي يعكس أهمية التهيئة السريعة للمدن وتوسعتها، خصوصاً في المناطق المهددة بالخطر، وفي مقدمتها مناطق شمال الجزائر، التي يعيش فيها ما يقرب من 80% من عدد سكان الجمهورية الجزائرية، وتشهد كثيراً من التحديات في مواجهة رهانات بشرية واقتصادية، وكذلك الرهانات الخاصة بالمخاطر الكبرى.
ومنذ فترة، شرعت السلطات العمومية في الجزائر، انطلاقاً من وعيها بضرورة الانضمام إلى التنمية المستدامة، في تنفيذ مجموعة من الإصلاحات، تضمنت تعديل نصوص قانونية، فيما يتعلق بالحد من مخاطر الكوارث، حيث أن الهدف الرئيسي من تلك الإصلاحات، يرمي إلى وضع منهج وطني لتنظيم الأخطار، ويشتمل هذا المنهج على عدد معتبر من الأدوات، خاصةً فيما يتعلق بالتوقع والتنسيق والإعلام، بما يضمن تحسين الفعالية عند وقوع كارثة طبيعية، أو حادث تكنولوجي خطير.
في هذا السياق، شاركت جمعية «الفدرالية الوطنية لحماية البيئة»، عضو الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، في الصالون الدولي حول البنايات والتكنولوجيات الحديثة، الذي عقد مؤخراً في مدينة قسنطينة، شرق الجزائر، حيث قدم المهندس عبدالرزاق مساعد، منسق شبكة «رائد» في الجمهورية الجزائرية، ورقة عمل حول «حماية البناء والمرافق الحساسة من المخاطر الكبرى الناتجة عن الزلازل»، حيث عرض لنظم الإنذار المبكر، وإجراءات التأهب المرتكزة على الناس، والتي تتيح القدرة على اتخاذ إجراءات مبكرة لتقليل الضرر الذي يلحق بهم وسبل عيشهم وأموالهم.
ونظراً لأن الجزائر، كغيرها من غالبية بلدان البحر المتوسط، مثل سوريا وتركيا وإيطاليا ومصر، مهددة بحدوث هزات أرضية بها، حيث تقع في طرف الصفيحة التكتونية الأفريقية، التي تتميز بأنها دائمة الحركة والاصطدام مع الصفيحة الأوراسية، مما يترتب عنه حدوث زلازل مدمرة، عانت منها الجزائر مراراً، وأدت إلى أضرار مادية ومعنوية ضخمة.
وفي هذا الصدد، فقد أكدت ورقة العمل التي قدمها منسق «رائد» في الجزائر، أمام الصالون الدولي حول البنايات والتكنولوجيات الحديثة، على أن الحد من المخاطر الكبرى التي تمس البناء وسلامته والبناء في المناطق الزلزالية، أصبح أمراً إلزامياً، وخصوصاً في البلدان العربية، حيث أصبح هناك التكنولوجيا والعلوم التي لها علاقة بتقنيات البناء، وأيضا حسن استعمال مواد البناء، إلى جانب التقدم الملموس الذي وصلت إليه ديناميكية الهياكل في البلدان المتقدمة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا والصين، كما أشارت إلى أن تقنية عزل أساس البناء تعتبر حلاً فعالاً لإنقاص وامتصاص الطاقة الناتجة عن الزلازل، وتجنب وصولها إلى هياكل البناء.
وتطرقت المناقشات إلى استعمال العوازل المضادة للزلازل، والتي أصبحت منذ زمن طويل أحد الحلول الأساسية، التي يعتمد عليها المعنيون في حماية البنايات من الزلازل الكبرى، حتى قوة 8 درجات على مقياس ريختر، حيث أنه بالإمكان مواصلة استعمال البناء مباشرةً بعد الزلزال، دون الحاجة إلى إجراء ترميمات، أو التوقف عن استخدام المبنى.
وكانت الجزائر من أوائل الدول التي استخدمت هذه التقنية المتطورة للحماية من مخاطر الزلازل، وذلك لأول مرة في عام 2006، في مبنى نموذجي صممه المهندس المعماري عبدالرزاق مساعد، وهو عبارة عن مقر حكومي لهيئة المراقبة التقنية للبناء (CTC) بولاية عين الدفلي، غرب العاصمة الجزائر، ويكمن الاستفادة بنفس المشروع النموذجي في منشآت أخرى استراتيجية وحساسة، خاصةً المنشآت التعليمية والصحية، ومراكز التحكم السريع في حالة الكوارث الطبيعية، وتم بالفعل استخدام هذه التقنية عند بناء ثالث أكبر مسجد في العالم، وهو الجامع الكبير بالجزائر العاصمة.