+20225161519 [email protected]

الرئيس عبدالفتاح السيسي يفتتح مؤتمرCOP 14.. أكبر حدث عالمي بيئي على أرض “مدينة السلام”

حماية التنوع البيولوجي أحد أهم قضايا الإنسانية وأساس تحقيق التنمية المستدامة ومصر توليها أهمية خاصة

 

التنوع البيولوجي يعاني تدهوراً متسارعاً ونواجه أخطر تحديات يمكن أن تهدد البشرية في عصرنا الحديث

فؤاد: التنوع البيولوجي أساس الحياة على كوكب الأرض ومسؤولية مصر حمايته من أجل الأجيال القادمة

 

مجموعة من التحذيرات والتعهدات حرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على توجيهها، خلال افتتاحه مؤتمر الأطراف الـ14 لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي COP 14، ما بين الإعراب عن القلق إزاء التدهور المتسارع في النظم الإيكولوجية، والتراجع الملحوظ في الموارد الطبيعية، وزيادة الاستهلاك العالمي بنسبة أكبر من 30% عما يتم إنتاجه على كوكب الأرض، وفي المقابل، تعهد بأن تعمل مصر، خلال فترة رئاستها للمؤتمر، والتي تمتد لعامين حتى سنة 2020، مع جميع الأطراف، لزيادة الوعي بقضية التنوع البيولوجي، والسعي نحو تحقيق أهداف المؤتمر.

وبعد أن استهل الرئيس السيسي كلمته بالترحيب بالمشاركين في مؤتمر الأطراف الـ14 لاتفاقية التنوع البيولوجي، الذي يُعد أكبر حدث بيئي يتم تنظيمه في مصر، على “أرض السلام” مدينة شرم الشيخ، فقد لفت إلى أن انعقاد المؤتمر يواكب الاحتفال بمرور 25 عاماً على دخول اتفاقية التنوع البيولوجي حيز التنفيذ، معتبراً أن قضية التنوع البيولوجي من أهم قضايا الإنسانية في العصر الحالي، وأكد أن مصر توليها أهمية خاصة، إدراكاً منا لقيمة التنوع البيولوجي كعنصر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، وللحفاظ على حق الأجيال المقبلة في التمتع بالثروات الطبيعية.

وتابع الرئيس المصري بقوله: “لقد أدرك الإنسان، منذ فجر التاريخ، أهمية الموارد الحيوية الموجودة في البيئة المُحيطة به، ومثلت الحضارة المصرية نموذجاً بارزاً في هذا الإطار، إذ قامت تلك الحضارة وازدهرت على مدى آلاف السنين، اعتمادا على ثرواتها الطبيعية، ومثلت أساس التقدم في العديد من المجالات، كما جسدت النصوص الدينية للمصريين القدماء التزامهم بالحفاظ على البيئة واحترام الطبيعة والحياة البرية وحقوقها، وهو ما يعكس وعي المصري القديم بالثراء الذي تميزت به النظم البيئية المحيطة به، ودورها في حياته اليومية”.

وأضاف السيسي قائلاً: “وامتدادا لهذا الإيمان، ولأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية، فقد حددت مصر مساراً تنموياً يستهدف تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، ويراعي البيئة بجميع أبعادها”، مؤكداً أن الدستور المصري وضع أسساً قويةً للحفاظ على الموارد الطبيعية للبلاد، وحُسن استغلالها، إضافة إلى حماية بحارها وشواطئها وبحيراتها وممراتها المائية ومحمياتها الطبيعية، فضلاً عن حماية نهر النيل، مع تأكيد الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، والحفاظ على الثروة النباتية والحيوانية والسمكية، وحماية ما قد يتعرض منها للانقراض أو الخطر.

وعلى الصعيد العالمي، لفت الرئيس إلى أنه على الرغم مما بُذل من جهود، منذ اعتماد اتفاقية التنوع البيولوجي عام 1992، فإنها لم تتمكن من حشد المجتمع الدولي للتصدي بفاعلية للتدهور المستمر في التنوع البيولوجي، كما لم تنجح بالقدر الكافي في تحقيق الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، واعتبر أن ذلك يرجع إلى “عدم قدرتنا على إدماج موضوعات التنوع البيولوجي بالقدر المطلوب في مختلف مجالات النشاط الإنساني”، مشيراً إلى أن المجتمع سعى، خلال مؤتمر “ناجويا” عام 2010، إلى إعلان استراتيجية عالمية للتناغم مع البيئة، ووضع أهداف محددة للتنفيذ خلال العقد العالمي للتنوع البيولوجي 2010 – 2020، مع الاتفاق على المحددات الأساسية للعمل الدولي، والمتمثلة في الحفاظ على التنوع البيولوجي، والاستخدام المستدام لمكوناته، والتقاسم العادل لفوائد استخدام الموارد الجينية.

واعتبر السيسي أن مؤتمر شرم الشيخ يأتي في وقت يواجه فيه التنوع البيولوجي تحديات جمة، وتدهوراً متسارعاً، وما يرتبط بذلك من تحديات تواجه النظم البيئية المختلفة، وقال: “إذا ما أضفنا لذلك الآثار السلبية لتغير المناخ، نجد أننا نواجه أخطر التحديات التي تهدد البشرية في عصرنا الحديث، حيث تشير الدراسات العلمية إلى أن استهلاك البشرية سنوياً من الموارد الطبيعية، يزيد بنسبة أكثر من 30% عما تنتجه النظم الإيكولوجية للأرض من موارد، كما تضمن تقرير سكرتير عام الأمم المتحدة، عن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة لعام 2018، بيانات مقلقة، تعكس تراجعاً واضحاً في النظم البيئية، وعلى رأسها الغابات، فضلاً عن اندثار عدد كبير من الكائنات الحية، مع تراجع قيمة معونات التنمية الرسمية المرتبطة بالتنوع البيولوجي بنسبة 21% مقارنة بعام 2015.

وأضاف أن شعار المؤتمر “الاستثمار في التنوع البيولوجي من أجل الناس والكوكب”، يأتي مواتياً للغاية، إذ “يعكس رؤيتنا الجماعية بضرورة إدماج الحفاظ على التنوع البيولوجي في كافة مناحي النشاط الإنساني، بما يساهم في صون الموارد الطبيعية، وإدارتها بصورة مستدامة، وهو ذات التوجه الذي تبنيناه جماعياً عام 2015، من خلال الأجندة الدولية للتنمية 2030، بما تضمنته من أهداف بيئية، وتعهدات لتعزيز التعاون الدولي في الإطار متعدد الأطراف”، معتبراً أن المؤتمر يمثل فرصة فريدة لتسليط الضوء على الممارسات الجيدة، والفرص المتاحة، فيما يتعلق بحفظ واستدامة التنوع البيولوجي، من خلال دمج التنوع البيولوجي في قطاعات الطاقة والتعدين، والبنية التحتية، والصناعة، والصحة.

وتابع أنه “استكمالاً لهذا التوجه، فقد رأت مصر إطلاق مبادرة تتكامل مع هدف دمج التنوع البيولوجي في القطاعات المختلفة، وذلك بتنسيق الجهود وتعزيز التناغم بين اتفاقيات ريو الثلاث المعنية بتغير المناخ، والتصحر، والتنوع البيولوجي، وإيجاد مقترب متكامل يتعامل مع فقدان التنوع البيولوجي، والآثار السلبية لتغير المناخ وتدهور الأراضي، سعياً لتكامل الجهود المبذولة في كل من الاتفاقيات الثلاث، من خلال عدد من الإجراءات، من بينها تطوير التعاون بين مختلف الشركاء وأصحاب المصلحة، بمن فيهم المجتمع المدني والقطاع الخاص، وحشد عدد كبير من التعهدات الفنية والمالية والنوعية، وإنشاء شراكات مع آليات تمويل اتفاقيات ريو الثلاث”، معرباً عن أمله فى تحظى المبادرة المصرية بدعم وتأييد المشاركين.

وفي ختام كلمته، جدد الرئيس السيسي التأكيد على عزم مصر العمل مع كافة الأطراف، من أجل إنجاح المؤتمر وضمان تحقيق أهدافه، وعلى رأسها زيادة الوعي بقضية التنوع البيولوجي، والأخطار المحدقة التي تهدد هذا التنوع، والآثار شديدة السلبية المترتبة على استمرار التدهور الحالي، داعياً إلى ضرورة التزام جميع الأطراف المعنية بنقل عملية إدماج التنوع البيولوجي في قطاعات النشاط الإنساني المختلفة، من مرحلة الرؤى إلى مرحلة السياسات والتنفيذ.

وانطلقت فعاليات مؤتمر الأطراف الـ14 لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي بإعلان تسلم مصر رئاسة المؤتمر لمدة عامين من دولة المكسيك، رئيس مؤتمر الأطراف الـ13، حيث أعربت وزيرة البيئة، الدكتورة ياسمين فؤاد، عن تقديرها كممثلة للحكومة المصرية لرئاسة المؤتمر، كما عبرت عن شكرها للرئيس عبدالفتاح السيسي على مشاركته بحضور المؤتمر، معتبرةً أنه أول رئيس يحضر حدث عالمي بيئي على أرض مصر، مما يؤكد تقدير الرئيس لقضية حماية البيئة وأهميتها، وأنها من أولويات العمل، وأعربت أيضاً عن امتنانها لكونها أول شخصية عربية وأفريقية تترأس مؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي.

كما حرصت فؤاد على توجيه الشكر إلى دولة المكسيك على رئاستها لمؤتمر الأطراف الـ13، وإلى الأمين التنفيذي لاتفاقية التنوع البيولوجي، كريستيانا باشكا بالمر، على التعاون والدعم الكامل لمصر، لتقديم المؤتمر بهذا المستوى، وكذلك أعربت عن امتنانها للدول الأفريقية على دعمها لمصر من أجل توحيد الرؤى والاتجاهات، حتى يتحقق نجاح إقامة هذا المؤتمر على أرض مصر، مؤكدةً أن أفريقيا قدمت كل الدعم لاستضافة مصر لهذا المؤتمر.

وتحدثت وزيرة البيئة عن أهمية التنوع البيولوجي باعتبار أنه “أساس الحياة على كوكب الأرض”، مشيرةً إلى ما تم مناقشته خلال الاجتماعات التي سبقت انطلاق المؤتمر، لصون التنوع البيولوجي، والعمل على وقف تدهور الأراضي، والصيد الجائر في القارة الأفريقية، و هو ما تم إعلانه في مبادرة دمج القطاعات الخمسة المعنية بالتنوع البيولوجي، ورسم خارطة وقف فقدان التنوع البيولوجي لما بعد عام 2030، كما أكدت أن مصر تقع على عاتقها مسؤولية حماية التنوع البيولوجي، من أجل الأجيال القادمة.

أما السفير المكسيكي لدى مصر، خوسيه أوكتافيو تريب فيلانويفا، فأكد أن بلاده عملت، خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف الـ13، على النهوض ببرنامج الحفاظ على التنوع البيولوجي، بالتعاون مع المسؤولين الدوليين، خاصةً في مجالات الصيد الجائر، وقال في كلمته بالجلسة الافتتاحية: “في هذا الإطار، ومن أجل تعميم التنوع البيولوجي، تُعتبر المكسيك من الدول التي قامت بالعمل على دعم ذلك في قطاعات الصحة والتعدين، لصالح السكان المحليين والشباب، وعليه سنستطيع تحقيق برنامج 2030، ونحن فى الطريق إلى العمل على إعداد خطة 2050، والتى سيتم وضعها فى الصين بعد عامين”.

وبينما أعرب عن ثقته في قدرة مصر على تحقيق إنجازات حقيقية، خلال رئاستها لمؤتمر الأطراف الـ14، فقد وجه السفير المكسيكي الشكر للحكومة المصرية على نشر التقرير المعني بمؤتمر الأطراف السابق، والذي يؤكد على ضرورة اتخاذ إجراءات واضحة لتعميم التنوع البيولوجي، طبقا لشواغل كل دولة، مؤكداً أنهم لديهم الثقة في أنه بالتضامن مع مصر، سيمكن تحقيق الأهداف المرجوة، معلناً انطلاق مؤتمر الأطراف الـ14 لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي، برئاسة مصر.

وعبرت الأمين التنفيذي لاتفاقية التنوع البيولوجي، كريستيانا باشكا بالمر، عن سعادتها بالجهود المصرية لإنجاح المؤتمر، وأكدت على أهمية حماية وصون التنوع البيولوجي، وقالت إن أهداف “إيشي” للتنوع البيولوجي يجري تحقيقها بخطى جيدة، خاصةً الهدف الـ11، الخاص بإعلان المحميات الطبيعية، معربةً عن أملها في أن يتم تحقيق جميع الأهداف بحلول عام 2020، كما أشارت إلى أن المبادرة المصرية لتعزيز التناغم بين اتفاقيات التنوع البيولوجي وتغير المناخ والتصحر، والتي تحظى بتأييد دولي كبير، تهدف إلى التوصل إلى اتفاقية أكثر شمولاً، تعمل على حل المشكلات الناجمة عن التغيرات المناخية، والتي تؤثر على التنوع البيولوجي وتدهور الأراضي، بصورة تعود بالنفع على المستويات الوطنية والعالمية.

واختتمت فعاليات الجلسة الافتتاحية بعرض فيلم تسجيلي بعنوان “سيمفونية الحياة”، والذي تضمن دعوة إلى الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، من أجل ضمان استمرار حياتنا، وحفاظاً على حق الأجيل القادمة في مستقبل مستدام، وعرض الفيلم فرصاً للاستثمار الأفضل لخدمة البشرية في قطاعات الطاقة والتعدين والصناعة والبنية التحتية والصحة، من أجل رفاهية الإنسان، واستمرار الحياة على كوكب الأرض، كما قدم عدد من الطلاب عرضاً مسرحياً تضمن تجسيداً لأهداف التنمية المستدامة.