الأجيال القادمة والصالح العام..
قضايا مصيرية تتصدر أجندة المنتدى العربي للتنمية المستدامة
على مدار ثلاثة أيام، يستضيف “بيت الأمم المتحدة” في العاصمة اللبنانية بيروت، هذا الأسبوع، فعاليات المنتدى العربي للتنمية المستدامة، الذي تنظمه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا”، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بمشاركة أكثر من 250 شخصية على المستوى الوزاري ومستوى كبار المسئولين في كافة الدول العربية.
ويُعد المنتدى العربي للتنمية المستدامة، الذي يُعقد خلال الفترة من 24 إلى 26 أبريل 2018، تحت رعاية رئيس الحكومة اللبنانية، سعد الحريري، الحدث الإقليمي الأبرز للدول العربية، لمتابعة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، كما يمثل حلقة وصل بين دول المنطقة والمنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة، الذي يُعقد فى نيويورك خلال شهر يوليو من كل عام.
وتُعقد الدورة الخامسة للمنتدى العربي للتنمية المستدامة انطلاقاً من نجاح الدورات الأربعة السابقة، الأولى بالعاصمة الأردنية عمان سنة 2014، والثانية في العاصمة البحرينية المنامة سنة 2015، ثم الثالثة في عمان أيضاً سنة 2016، بينما كانت الدورة الرابعة العام الماضي 2017 في الرباط بالمملكة المغربية.
ويأتي انعقاد الدورة الخامسة فيما تزداد القضايا التي تتطلب معالجة ملحة، وفي ظل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، فقد اختار المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2018 أن يسلّط الضوء على “الروابط بين الموارد البشرية والخير العام “، كمسألتين مركزيتين لتحقيق العدالة بين الأجيال، ويتوافق ذلك مع الموضوعات التي ستناقَش على الصعيد العالمي، خلال المنتدى السياسي الرفيع المستوى للتنمية المستدامة في نيويورك، خلال الفترة من 9 إلى 18 يوليو المقبل.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والأمين التنفيذي لـ”الإسكوا”، الدكتور محمد علي الحكيم، إنّه مع التقدّم المُحرز في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فقد “حان الوقت لأن نقر بأننا لا نستطيع المضي قدماً كما كان من قبل”، وحذر من أن النقص الحاد في المياه، وآثار تغيّر المناخ، والتصحر، واستنزاف احتياطيات النفط، والحواجز التي تعترض الطاقة المتجددة، كلها تدعو إلى التفكير بطريقة مختلفة، وأضاف: “نحن بحاجة إلى نهج جديد في الطريقة التي ندير بها مواردنا الطبيعية ونستخدمها، وعلينا أن نقر بأن ما هو خيرٌ للكوكب، فيه خيرٌ لشعوبنا، ونحن بحاجة إلى التنمية المستدامة في سبيل الصالح العام.”
وبينما يؤكد موضوع المنتدى العربي لهذا العام على اعتبار “التنمية المستدامة المتكاملة” حاجة ماسة وأخلاقية، وليست مجرد تعبير، فقد شدد الأمين التنفيذي لـ”الإسكوا” على قوله “وإن بدا لنا أن ما نقوم به الآن هو أمر صائب، فقد لا يكون كذلك في المستقبل”، موضحاً أن “طريقة تفكيرنا حيال كيفية استخدام بيئتنا ومواردنا المتاحة، قد شابها التزييف، فأودت بنا إلى سياسات بالكاد تخدم احتياجاتنا الراهنة، فكيف لها أن تخدم احتياجات أطفالنا وأحفادنا؟”، وأضاف أن “الممارسات الجارية غير منيعة من الناحية البيئية، وبأوجه كثيرة، من الناحية الاقتصادية، وهي أساساً مجحفة بحق من هم اليوم أقل حظاً، وبحق الأجيال المقبلة على حد سواء.”
وينطلق المنتدى العربي بجلسة افتتاحية، تطلق أعماله في ما يتعلق بالاتجاهات الناشئة لخطة 2030، وإمكانات التحول في المنطقة العربية، وتتضمن أجندة المنتدى عدداً من الجلسات العامة، وتسع جلسات أخرى تتناول الاستعراضات الوطنية الطوعية، ومنبر المجتمع المدني العربي، والمياه وأهداف التنمية المستدامة من منظور عربي، والشباب والتحول نحو مجتمعات عربية مستدامة، والبيئة والموارد الطبيعية، والحوار حول “عدم إهمال أحد” في إطار خطة 2030، وإضفاء الطابع المحلي على أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية، والطاقة المستدامة، وعملية التحول نحو مجتمعات مستدامة ومنيعة.
وتتناول المناقشات في المحور الأول من المنتدى التجارب الوطنية، وتركز على التقارير الوطنية الطوعية، التي تقدمها الدول إلى المنتدى العالمي، وهذه من المهام الأساسية للمنتدى، حيث يتاح للمشاركين تبادل الخبرات والتداول في أفضل التجارب في كيفية استجابة الدول لمستلزمات خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من حيث مواءمة السياسات وتكاملها، وتفعيل نظم القياس، وإشراك الجهات المعنية، والعمل على وسائل التنفيذ، ويفتح هذا المحور نافذة على المشهد الإقليمي، لتحديد موقع المنطقة على مسار تنفيذ الخطة بعد ثلاثة أعوام من اعتمادها.
بينما يُخصص المحور الثاني من المنتدى العربي لموضوع “الموارد الطبيعية والأجيال المقبلة والصالح العام”، الذي اعتُمد انسجاماً مع موضوع المنتدى السياسي الرفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، كما يناقش المنتدى، في حلقات مختلفة، ضرورة التغيير في نظم وضع الخطط والسياسات التنموية المتكاملة لجميع ركائز التنمية المستدامة، ولضمان الاستدامة والإنصاف في إدارة الموارد الطبيعية واستخدامها وتوزيعها، على نحو يخدم الصالح العام، ليس الآن فقط، بل لأجيال المستقبل.
ومن المقرر أن يُقدّم التقرير الختامي للمنتدى العربي للتنمية المستدامة إلى كل من الدورة الوزارية واللجنة التنفيذية لـ”الإسكوا”، وسيحمل بما يصدر عنه من استنتاجات وتوصيات، صوت المنطقة ومساهمتها في المنتدى السياسي الرفيع المستوى للتنمية المستدامة لعام 2018.