+20225161519 [email protected]

بمناسبة اليوم العربي للمياه نظّمت جمعيّة أمواج البيئة والتجمّع اللبناني للبيئة أعضاء الشبكة العربيّة للبيئة والتنمية “رائد” مؤخراً ندوة في مقر التجمّع في بيروت بعنوان “نهر الليطاني… الى أين؟”.

افتتح الندوة المهندس مالك غندور رئيس التجمّع اللبناني للبيئة حيث أشار إلى المشكلات المتعددة حول نهر الليطاني ابتداءاً، من طلب الحركة الصهيونية سنة 1920 اعتبار حدود دولتها المزعومة حتى نهر الليطاني مروراً بمنع مشروع عبد العال منذ بداية خمسينيات القرن الماضي واحتلال الجنوب سنة 1978 باسم عملية الليطاني، ثم تحدّث عن ما يعانية هذا النهر نتيجة الإهمال المتمادي في انقاذه من المعتدين المباشرين من معامل ودباغات ومجارير بلديات وكب نفايات صلبة وسائلة وعدم تشغيل محطات التكرير وصولاً الى آخر التعديات الناتجة عن غسل الرمول وتحويل النهر الى مكب للأتربة والأوحال. وما ينتج عنها من آثار سلبية على الريّ والحياة البيولوجية.

ثم قدم الدكتور عارف ضيا نائب رئيس جمعية “أمواج البيئة” عرضاً مصوّراً عن حياة نهر الليطاني من المنابع العديدة في بعلبك وزحلة والبقاع الأوسط حتى مصب القاسمية شمال مدينة صور، وقسم النهر الى قسمين النهر الأعلى من النبع حتى بحيرة القرعون والنهر الأسفل من القرعون حتى القاسمية.

ولفت الانتباه الى أنّ مصادر تغذية النهر في الينابيع قد نضبت وتحول قسم منها الى قنوات صرف غير صحي (مجارير) والمخلفات السائلة السامة لمعامل الورق والدباغات والصناعات الغذائية والمزارع الحيوانية، كما شرح كيف تحوّلت بحيرة القرعون الى مجمع للمياه غير الصحية، أما النهر السفلي من بحيرة القرعون حتى مصب القاسمية فملوّث بمخلفات المرامل والمبيدات الزراعية ويتغذى حالياً من نبع قرب قاقعية الجسر مما يجعل نسبة المياه أغزر وحجم النهر أكبر حتى المصبّ.

واستنتج د. ضيا أن النهر الأعلى حتى بحيرة القرعون مريض ولم يجد من يدخله الى العناية الفائقة لذلك فهو مهدد بالموت مسموماً أما النهر الأسفل فهو مريض ولكن إنقاذه أسهل بمنع غسل الرمول على ضفافه وضبط مصادر التلوث الجرثومي من مجارير بعض البلديات ومنع المبيدات الزراعية.

وقد دعا الأستاذ فتحي شاتيلا رئيس جمعية “مياهنا” لإعادة النظر بجر مياه الليطاني الى بيروت كونها ملوّثة وتحمل ملوثات قد تسبب الأمراض، وأشار إلى أن مياه نهري الأوّلي والدامور صالحة بشكل أفضل لتغذية بيروت وهي أقل كلفة ومشاكل.

عرش المياه في خطر

وكانت جمعية أمواج البيئة في لبنان قد أعلنت أن عرش المياه اللبناني في خطر وفقاً لأحدث بحث ميداني قامت به أمواج البيئة بالتعاون مع التجمع اللبناني للبيئة ومنظمة إسكوا والشبكة العربية للبيئة والتنمية وشمل عدّة مواقع وبلدات محاذية لمجرى وروافد نهر الليطاني من الشمال الى الجنوب، فقد أظهرت الدراسات بأن مجرى نهر الليطاني تحوّل الى “مجرور” عامّ غير صحّي نظراً لعدم وجود محطّات معالجة وتكرير للمخلّفات السائلة وإذا وجدت فهي معطّلة، والنسبة الأكبر من البلدات المحيطة تصبّ نفاياتها السائلة في النهر مباشرة الى جانب العديد من مصادر التلوّث الكيميائي الناتج عن المصانع والدبّاغات ومعامل مواد البناء وتحويل مجاري المياه كافة الى مكبّ للنفايات والجيف وكلّ أنواع القاذورات.

خلصت الدراسة الى إعلان نهر الليطاني مصدر مياه مريض من الدرجة الأولى ويحتاج الى العناية الفائقة أو الموت السريع.

وقسّمت الدراسة نهر الليطاني الى قسمين: النهر الأعلى من الينابيع في البقاع الشمالي حتى بحيرة القرعون مصاب بتلوّث كيميائي خطير نتيجة الأسباب المذكورة أعلاه ويشكّل خطر على الأحياء المائية والحيوانية والبشريّة وزراعات سهل البقاع والمستهلكين.

والنهر الأسفل من القرعون حتى المصبّ في القاسمية مصاب بتلوّث جرثومي ومخلّفات المرامل التي ترمى وتقضي على الأحياء المائية إضافة الى آثارها السلبيّة على الزراعة ومياه الاستعمال.

وتوصي أمواج البيئة بإقامة مشاريع تطوير للاستفادة من الموارد المائية لإنماء مناطق البقاع والجنوب عبر تنفيذ مشروع الليطاني، ولكنها تحذّر في الوقت نفسه من أن عدم معالجة مصادر التلوّث سيعمم المشكلة وينقل الأضرار الخطيرة الى نطاق أوسع.

وتنبّه أمواج البيئة إلى أنّ أفكار تغذية مدينة بيروت من مياه الليطاني غير عمليّة وعالية الكلفة ومن الأجدر تلبية حاجات بيروت من مياه نهري الأوّلي والدامور.

إن جمعية أمواج البيئة في لبنان وبناءً على ما تقدّم إذ تعلن أن عرش المياه اللبناني في خطر تطالب الحكومة وأصحاب القرار بوضع هذه القضيّة الهامّة على رأس أولويّات المعالجة من خلال الإدارة المتكاملة لحوض الليطاني وتحويل مصلحة الليطاني الى مؤسسة عامّة حكوميّة مستقلّة تناط بها جميع الصلاحيات الموزّعة حاليّاً على عدّة إدارات دون تنسيق وتكامل.